القسم العاممختارات

الحرب على أوكرانيا، تداعيات خطيرة… اعتداءات وتهديدات تركية مستمرة

الافتتاحية*

تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا تلقي بثقلٍ كبير على الأوضاع العالمية وتحمل مخاطر جمّة على الأمن والسّلم العالميين، حيث تشتد التوترات في بقاع العالم وتتعدد، وتتزايد تعقيدات الأزمات القائمة، مثل تأثيراتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية السلبية المباشرة على سوريا التي تعاني أصلاً مما أصاب قاعدتها الإنتاجية خلال سنوات الحرب وتدهور القدرة الشرائية لعملتها أمام ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى العقوبات المفروضة عليها، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفقر المدّقع والبطالة والرغبة الجامحة في الهجرة لدى نسبةٍ كبيرة من الشباب.

فقد أكّدت الهيئة القيادية لحزب الوحـدة (يكيتي) في البلاغ الصادر عن اجتماعها بتاريخ 14 نيسان 2022م على أن لهيب الأزمة السورية لا يزال مستعراً ودوامة العنف والكراهية مستمرة، فالنظام من جهته متمسك بالخيار الأمني- العسكري، وما تسمى بـ»قوى الثورة والمعارضة السورية» وحاضنتها تشكيلات الإسلام السياسي ترفع راية الجهاد والقتال؛ وعلى أنّ الشأن السوري العام بات مرهوناً لإرادات ومصالح قوى إقليمية ودولية، حيث ضَعُف معه القرار الوطني السوري، بينما أُمراء وتجّار الحروب يعيثون في الأرض فساداً، سيما أولئك الذين يصولون ويجولون في المناطق المحتلة من قبل تركيا وتحت رعاية وحماية قواتها، كما هو الحال في إدلب وعفرين ورأس العين وإعزاز والباب وجرابلس.

وحيال تنظيم داعش أكّدت أيضاً على أنّ الانتصار العسكري عليه لا يترسخ ولا يفضي إلى نتائج مرجوّة ما لم تُفتح آفاق العمل السياسي أمام جميع القوى والأحزاب والشخصيات للقيام بدورها الوطني، حيث أنّ مواجهة خلاياه النائمة وأنصاره المحليين باتت من المهام الضرورية، فيما تجلّت مخططاته الإرهابية الأخيرة في اقتحام سجن الحسكة وارتكاب الفظائع بحق المدنيين في محاولة يائسة لإعادة بسط نفوذه وسلطته على المنطقة.

وأوضحت أنّ الاعتداءات والتهديدات التركية المستمرة لمناطق الإدارة الذاتية بذرائع ملفّقة تخفي وراءها أطماعاً توسّعية على حدودها الجنوبية ولاسيما في المناطق الكردية، بهدف تغيير ديمغرافيتها والحدّ من الطموح الكردي المشروع.

وفي الشأن الكردي السوري عبّرَت الهيئة عن أسفها على حالة التشرذم والجفاء التي تعيشها الحركة السياسية الكردية، وطغيان لغة المهاترات والتشكيك والتخوين بدلاً عن لغة الحوار والألفة، حيث دعت إلى بذل كلَّ الجهود من أجل إنجاح المساعي الحميدة والمبادرات التي تُطلق بغرض لملمة شمل الحركة الكردية وتوحيد جهودها ومواقفها، لتكون بمثابة مرجعية سياسية مشروعة، تمثل تطلعات الشعب الكردي في المحافل والمنصات ذات الصلة بالشأن السوري؛ كما أدانت مواقف وممارسات البعض من الكُـرد الذين يحاولون شرعنة الاحتلال التركي وممارساته، من خلال تواجدهم في أطر وهيئات ترعاها حكومة العدالة والتنمية.

وأكّدت على الحقوق القومية المشروعة للكُـرد في إطار وحـدة سوريا وسيادتها، داعيةً إلى لغة الحوار وأسس العيش المشترك؛ وأشادت بالدور الذي يلعبه مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، باعتباره إطاراً سياسياً لا يمكن تجاوزه، إذ يجمع في طياته معظم مكونات الشعب السوري، ويعمل على تنشيط الحوار بينها في الداخل والخارج، ويعتبر المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا التي يعمل الحزب على تطويرها وإغناءها ورفدها بالكوادر والطاقات والكفاءات المتاحة دون إغفال الإشارة لمواقع الخلل والفساد فيها وفضحها.

هذا، ورغم الانسداد القائم أمام أي حلٍّ سياسي لأزمة بلدنا، وبروز الخلافات بين الدول الفاعلة على الساحة السورية، جاء مرسوم العفو الرئاسي العام الأخير عن «جرائم الإرهاب» إيجابياً على صعيد الوضع الإنساني، حيث تجمّع الآلاف من الأهالي وسط دمشق في انتظار إطلاق سراح أحبائهم، وقد خرج قسمٌ منهم فاقدي الذاكرة، في الوقت الذي يتوجب فيه على السلطات السورية الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والكشف عن مصير المفقودين، وفق مضمون القرار الدولي /2254/، الأمر الذي سيشكل مدخلاَ مهماً في إعادة تأهيل المجتمعات المحلية وإنجاح جهود البحث عن حلٍّ سياسي.

* جريدة الوحـدة – العدد /337/- 18 أيار 2022م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى