القسم العامبيانات و تصريحات

كلمة لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا
في الذكرى الحادية عشرة لرحيل رئيسه الأستاذ إسماعيل عمر

“سنبقى مستمرين في نضالنا السلمي الديمقراطي، مستمدين العزمَ والهمة من قادتنا الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل قضية شعبهم”

في الثامن عشر من شهر تشرين الأول، تمرُّ الذكرى السنوية الحادية عشرة لرحيل رئيس حزبنا الأستاذ إسماعيل عمر عن عمرٍ ناهزَ الـ 63 عاماً. وهو في ذروة عطائه النضالي، برحيله فقدت الحركة الوطنية الديمقراطية السورية عموماً وأبناء شعبنا الكردي وحركته السياسية خاصةً أحد أهمِّ شخصياتها الواعية المتزنة، فقدتْ مناضلاً مخلصاً كرّسَ حياته لخدمة بني قومه وأبناء بلده بمختلف أطيافهم وألوانهم، مناضلاً واقعياً أجاد الربط بين القضيتين القومية  والوطنية، حيث كان  مؤمناً بأنّ رفعَ الظلمَ القوميَّ وسياسةَ التمييزِ عن كاهل الشعب الكردي، تقوية لبلدنا سوريا الذي تتربص به أعين الطامعين، وتحصينٌ له، فهو بلدُ كلّ السوريين بصرف النظر عن قومياتهم وأديانهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم الفكرية، حيث سار الراحلُ دون ترددٍ على هذا الدرب الشاقِّ ولاقى صعوباتٍ جمة من لدن حمَلةِ الفكر العنصري في السلطة وخارجها، من أشباه المثقفين المشبعين بروح وثقافة التعالي القومي والكراهية.

كلُّ المطلعينَ على سيرة الراحل يعلمون مدى الجهد الذي بذله في سبيل توحيد الكلمة الكردية التي كانت إحدى أهمّ أولوياته على طريق تحقيق أهداف وطموحات شعبنا في الحرية والمساواة والخلاص من سياسات التمييز التي طالت وجودَه لاسيما بعد صعود التنظيمات السياسية ذات الفكر العروبي والتوجه العنصري على المشهد السوري وتنفيذ مشاريعها الاستثنائية بحق القومية الكردية ذات التوجه الديمقراطي التي ناضلتْ لرفع الغبن اللاحق بالشعب الكردي.

لقد بذلَ الراحلُ في هذا الصدد مساعٍ جادةً، وبفضل قوة منطقه وحنكته السياسية ورغم كل الصعاب التي واجهتْهُ، وبالتعاون مع المخلصين من رفاقه، استطاعَ تحقيق التقارب بين ثلاثة أحزاب كردية والخروج بوحدة تنظيمية اندماجية بينها عام 1990 والإعلان عن حزبٍ وليد اسمه الحزب الديمقراطي الكردي الموحد في سوريا، وأتبعها بوحدة أخرى عام 1993 نجمَ عنها ولادةُ حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي) من خلال مؤتمرٍ توحيدي عام. طالبَ الحزبُ الناشئُ بتشكيل مرجعية كردية سورية تتكونُ من الأحزاب الكردية والشخصيات المستقلة، تكون مصدراً للقرار والشرعية الكردية في سوريا تنطلقُ من خصوصية وضع الكرد في سوريا التي تتمايز عن الأجزاء الأخرى، فحُوربتْ هذه الفكرة ولاتزالُ تُحارَبُ إلى يومنا هذا بشدّة من جانب الجهات التي تعادي القضية الكردية العادلة من داخل البلاد وخارجها.

من خلال تجربته النضالية وسعةِ أفقهِ ومداركه وإيمانه بأهمية العامل الذاتي، دعا الراحلُ إسماعيل عمر إلى تنقية الأجواء بين الأشقاء ونبذ الأحقاد وعدم الانجرار إلى صراعاتٍ هامشية، وطالبَ بتوجيه كل الطاقات الكردية نحو مضطهدي شعبنا وناكري حقوقه القومية المشروعة والعمل على تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة التي لم يذقْ منها شعبنا سوى طعمَ المرارة والخذلان والويلات، وعملَ مع رفاقه في القيادة على توسيع التحالف الديمقراطي الكردي والبدء بفتح حوارٍ أخوي مع الجبهة الديمقراطية الكردية، أثمرَ عن تشكيل هيئة عامة من الإطارين عام 2005 بغية تحسين العلاقة بينهما، والتواصل مع الساحة السياسية الوطنية بخطابٍ موضوعي مشترك ينبذُ السياسات الشوفينية والممارسات العنصرية مثلما ينبذ الشعارات الفضفاضة اللاواقعية والسياسات الانعزالية التي لا تخدم قضيتنا القومية، وإنما تخدم فقط مضطهدي شعبنا الكردي وحركته السياسية، إضافة إلى تحقيق خطوة هامةٍ أخرى ألا وهي إنجاز “الرؤية المشتركة للحل الديمقراطي للقضية الكردية في سوريا” عام 2006 التي تعتبر من الوثائق الهامة على طريق النضال الوطني الكردي في سوريا. كما كانت له اليدُ البيضاء في تشكيل (إعلان دمشق) عام 2005 الذي ضمّ بعضَ القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية السورية إلى جانب كلٍّ من التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الديمقراطية الكردية، حيث طالبَ الإعلانُ بالتغيير الديمقراطي التدريجي في سوريا وحلَّ القضية الكردية حلاً ديمقراطياً مع الاعتراف الدستوري بوجوده وباللغة الكردية لغة رسمية في المناطق الكردية.

على الرغم من قتامة اللوحة السياسية الراهنة في بلادنا بسبب الأزمة المدمّرة التي تمرُّ بها بلادنا وما شاهدتْه من حروب الآخرين على أرضها، والصراع على المصالح ومناطق النفوذ وتصفية الحسابات بين الأقوياء والتي خلّفت دماراً وخراباً هائلين على طول البلاد وعرضها، واحتلال تركيا لمناطق واسعة من شمال سوريا ومنها بعض المناطق الكردية التي تتعرض إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واتباع سياسة التغيير الديموغرافي للمناطق الكردية عبر استخدام المرتزقة السوريين المنضوين تحت مسمى الجيش الوطني التابع للائتلاف، ورغم أننا نخطئُ هنا ونصيبُ هناك فإن قراراتنا ومواقفنا هي نتاج قناعاتنا وتحليلنا للواقع السياسي الإقليمي والدولي، لم ولن نخضع للمال السياسي الذي أفسدَ السياسة أيما إفساد، ولن نفقد الأمل بالمستقبل ولن نيأس، بل سنبقى مستمرين في نضالنا السلمي الديمقراطي، مستمدين العزمَ والهمة من قادتنا الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل قضية شعبهم، بعيداً عن الشعارات البراقة التي تخاطب عواطفَ وأمزجة الناس لكسب ودّهم واصطفافهم واستقطابهم لخدمة مصالح حزبوية، مقتنعين في الوقت ذاته بأن الاصطفافَ في المحاور الكردستانية والتبعية المطلقة لسياساتها لن تنفع قضية الكرد في سوريا بشيء بل تزيدها تعقيداً، مؤكدين على التحلي بالمسؤولية التاريخية وعدم الرهان على المواقف والوعود الآنية من الأنظمة والدول المعادية لتطلعات شعبنا في الحرية والمساواة، ولا بد من التلاقي ووحدة الصفوف قولاً وفعلاً عبر تشكيل مرجعية كردية للحراك الكردي السوري قوامها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ذات الفاعلية والشخصيات الوطنية المستقلة.

الرحمة والخلود لروح المناضل الكبير الأستاذ إسماعيل عمر

الرحمة لشهداء الحرية والكرامة والنصر لقضية شعبنا

الهيئة القيادية

لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

17/10/2021م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى