القسم العاممختارات

«تحديات إعادة انتاج الوطنية السورية»… محاضرة للدكتور سمير التقي

إعداد: محمد علي كيلا*

ضمن سلسلة الأنشطة السياسية والتدريبية التي تقيمها دائرة أوروبا على مدار أكثر من سنة، استضافت في 14 تموز 2021م الدكتور سمير التقي مدير المجموعات الاستشارية «إنسايت» والباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن ليلقي محاضرة حول الازمة السورية بعنوان: «تحديات إعادة انتاج الوطنية السورية».

بدأ الدكتور سمير محاضرته بتوجيه تحية إلى جماهير حزب «الوحـدة» وإلى جميع أبناء الشعب الكردي، معتبراً الكُـرد أهله، ومؤكداً بأن هويته الوطنية السورية لا تكتمل بدون هذا المكون الأساسي من الشعب السوري، الذي تعرّض إلى الاضطهاد والظلم منذ تشكيل (الدولة) السورية إلى يومنا هذا.

وأكّد في محاضرته على أن الدولة السورية تشكلت بعد اتفاقية سايكس – بيكو نتيجة توافقات دولية، أكثر من أن تكون نتاج توافق مجتمعي سوري، وبالتالي أصبحت – أي سوريا – عبارة عن تجميع كيانات وتجمعات متفرقة ومتباعدة، وذكر عدة أمثلة منها، مدينة حلب ومن منطق الاقتصاد السياسي والجغرافيا السياسية كانت أقرب إلى الموصل وغازي عنتاب في تعاملاتها التجارية والاقتصادية أكثر بكثير من دمشق التي كانت تعتبر بمثابة الواحة الخلفية للسعودية وغيرها من الأسواق العربية الأخرى، وأن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية للساحل السوري مع بيروت كانت أكثر من المدن السورية، مذكراً بأن أهل الساحل صُدموا حين أخبرهم الفرنسيون بأن مصيرهم سيكون مع سوريا بدلاً من لبنان . بمعنى أنّ هذا الموديل الجديد من الدولة المستنسخ من التجربة الأوروبية وخاصةً الفرنسية فرضت على جميع المكونات والتكتلات الاجتماعية والقومية والدينية، وبعيداً عن رغبات ومصالح أهلها تشكلت وبشكل مشوه ما تسمى بالدولة السورية من جسم ليس فقط غير مؤهل بل يفتقر إلى الحد الأدنى من مفاهيم التضامن الوطني التي تعتبر الركيزة الأساسية في بنا ء الدولة الوطنية.

وأضاف: لم تكتفي القوى الاستعمارية بتشكيل دولة مشوهة بل وسلّم هذه الدولة إلى حكّام ديكتاتوريين ومستبدين زرعوا عوائق وسدود بين مكوناتها بدلاً من العمل على خلق أجواء من التضامن والألفة وتهيئة المجتمع للعبور إلى دولةٍ تحتضن وتمثل كل موطنيها هذا من جهة، وظهور أحزاب قومية ودينية وشيوعية فضّلت انتماءها الإيديولوجي الخارجي على انتماءها الوطني السوري، وتقاطعت في النزعة القومية العربية المغمسة بالعنصرية وإن بدرجات مختلفة من جهة ثانية، وترافق هذا مع حدية النزعة الشوفينية لدى السلطات المتعاقبة ورفع وتيرة الاضطهاد القومي للشعب الكردي، من التنكر لوجوده إلى قوانين جائرة من جهة ثالثة؛ فاضطّر بعض المتنورين الكُـرد مع بعض الكوادر الكُـرد من الحزب الشيوعي لتشكيل أول حزب كردي في سوريا كتعبير سياسي عن حالتهم القومية.

وأوضح التقي: هذه العوامل السابقة الذكر مجتمعةً جعلت من سوريا أن تتناثر إلى أقسام وأجزاء في أول عاصفةٍ تعصف بها، فأوصلت بسوريا إلى ما نحن عليه اليوم، حيث عنوانها الأبرز هي أن القضية السورية أصبحت قضية دولية وإقليمية لا علاقة للسوريين بها سوى أنهم وقود لصراعات الآخرين على أرضهم.

مبيناً: للخروج من هذه الحالة المأساوية هناك طريقين لا ثالث لهما، وهما، إما الاتيان وبموافقة اللاعبين الأساسيين بديكتاتور يبدأ بقطع الرؤوس وتوحيد سوريا بقوة السلاح والعودة بسوريا إلى نقطة البداية لفترة لا تدوم كثيراً لأن التجربة أثبتت بأنه لا يمكن للديكتاتور مهما كبر جبروته أن يبني الأوطان، أو الاعتراف بسلطات الأمر الواقع واعتبارها كونفدراليات قائمة بدايةً، ومن ثم الانتقال بتلك الهياكل وبعد خلق الثقة بينها إلى الخطوة التالية وهي بناء دولة المواطنة التي تحتضن جميع مواطنيها كأفراد أو تجمعات اثنية أو مذهبية.

في الختام ركّز التقي كثيراً على المنطقة التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية، وأشار إلى أهمية وضرورة المصالحة بين مكونات المنطقة والاهتمام بمسألة الحوكمة والحكم الرشيد وتلافي الأخطاء والانتهاكات بحق المواطن، والعمل على تهيئة الأجواء وخلق أرضية للمشاركة الواسعة بالانتخابات والأخذ بنتائج تلك الانتخابات لكسب الرأي العام العالمي واعطائهم نموذجاً يمكن اعتماده على كامل المساحة السورية مستقبلاً ولجذب المستثمرين إلى المنطقة، حيث قال بأنه هناك /650/ مستثمر حلبي ينتظرون الفرصة المناسبة للاستثمار.

* جريدة الوحـدة – العدد /332/- 19 آب 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى