دامت الخلافة العثمانية لمدة ستة قرون متوالية، خاضت خلالها العديد من الحروب، حالفها النصر في أغلبها لتضم الكثير من بقاع العالم إليها، إلى أن خاضت غمار الحرب العالمية الأولى لتخرج منها خاسرة، وتُرغم من قِبل دول الحلفاء (بريطانيا ، فرنسا، إيطاليا ، اليابان) على توقيع معاهدة سيفر في ١٠ أب ١٩٢٠ بمدينة سيفر الفرنسية، وقد كان توقيع الخلافة العثمانية على المعاهدة هو المسمار الأخير في نعش انهيارها، وبالتالي انتهاء الهيمنة العثمانية على الأراضي التي كانت قد احتلتها سابقاً؛ وقد تضمنت المعاهدة تخلي الدولة العثمانية عن جميع الأراضي التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، إلى جانب استيلاء الحلفاء على أراض تركية، حيث منحت تراقيا والجزر التركية في بحر إيجة لليونان، وتم الاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية، والاعتراف باستقلال أرمينيا، وإخضاع فلسطين للانتداب البريطاني، وإخضاع سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي، واعتبار مضائق البُسفور والدردنيل مناطق محررة من السلاح وتحت إدارة عصبة الأمم، وحصول كردستان على حكم ذاتي وفق البنود ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ من القسم الثالث – الباب الثالث من المعاهدة ، وقد تضمنت هذه البنود ما يلي :
البند ٦٢:
تقوم لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء معينين من قِبل الحكومات البريطانية والفرنسية والإيطالية مركزها اسطنبول، خلال ستة أشهر من تاريخ تنفيذ مفعول هذه المعاهدة، بإعداد مشروع حكم ذاتي محلي للمناطق التي يشكل فيها الأكراد الأكثرية والتي تقع إلى الشرق من الفرات وإلى الجنوب من الحدود الجنوبية لأرمينيا، كما تحدد فيما بعد، وإلى الشمال من الحدود التركية مع سوريا و ميزوبوتاميا بشكل متوافق مع الوصف الوارد في الفقرة (٢ ، ٣ ، ١١) من البند السابع والعشرين من المعاهدة، وفي حال حدوث اختلاف في الرأي حول موضوع ما ، يعرض الاختلاف من قِبل أعضاء اللجنة على حكوماتهم المعنية ويجب أن تتضمن هذه الخطة الضمانات التامة لحماية الآشوريين- الكلدان وغيرهم من الأقليات العنصرية أو الدينية الداخلة في هذه المناطق، ومن أجل هذا الغرض تقوم لجنة مؤلفة من ممثلين (بريطاني و فرنسي و ايطالي و ايراني و كردي ) بزيارة الأماكن لدراسة التغيرات التي يجب إجراؤها، عند الحاجة في الحدود التركية حيثما تلتقي بالحدود الإيرانية، و لتقريرها، بحكم قرارات هذه المعاهدة .
البند ٦٣:
تتعهد الحكومة التركية من الآن بالاعتراف بقرارات اللجنتين المذكورتين في البند ٦٢ والقيام بتنفيذها خلال ثلاثة أشهر من تأريخ إبلاغها بها.
البند ٦٤:
إذا رجع الأكراد القاطنون في المناطق الواردة ضمن البند ٦٢، مجلس عصبة الأمم خلال سنة من نفاذ هذه المعاهدة، مبينين أن أكثرية سكان هذه المناطق يرغبون في الاستقلال عن تركيا، وإذا وجد المجلس آنذاك أن هؤلاء جديرون بمثل ذلك الاستقلال وإذا أوصى- المجلس – بمنحهم إياه، فتتخلى عن كل ما لها من حقوق وحجج قانونية في هذه المناطق، وتصبح تفاصيل هذا التنازل موضوع اتفاق خاص بين الدول الحليفة الرئيسة وتركيا، وإذا وقع قبل هذا، وفي الوقت الذي يحدث فيه، فإن الدول الحليفة الرئيسة لن تضع أي عراقيل بوجه الانضمام الاختياري للأكراد القاطنين في ذلك الجزء من كردستان الذي ما زال حتى الآن ضمن ولاية الموصل، إلى هذه الدولة الكردية المستقلة .
إن هذه المعاهدة أدت إلى انفصال الحركة القومية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك عن الباب العالي في اسطنبول، وتم تشكيل برلمان في أنقرة عام ١٩٢٠م، وهنا ظهرت عدم جدية دول الحلفاء للتوقيع على المعاهدة، باستثناء إيطاليا، وبعد تولي الحركة القومية التركية الحكم في ٢٩ تشرين الأول ١٩٢٣ بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وتأسيس الجمهورية التركية التي اعتبرت أن بنود هذه المعاهدة تمثل ظلماً بالدولة التركية بسبب خسارة تركيا لحجم هائل من المناطق التي كانت تابعة للدولة العثمانية، لذلك حاولت تركيا إقناع دول الحلفاء بتوقيع معاهدة جديدة هي معاهدة لوزان في عام ١٩٢٣ .
* جريدة الوحـدة – العدد 321- آب 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).