تركيا تنقل مواطنين سوريين إلى أراضيها لُتُحاكمهم بتهم جائرة… دولة احتلال تُخالف القوانين الدولية
جريدة الوحـدة*
منذ احتلال منطقة عفرين- آذار 2018م، واحتلال منطقتي كري سبي/تل أبيض و سري كانيه/رأس العين – تشرين الأول 2019م، تواظب السلطات التركية على ملاحقة أبناء أهالي تلك المناطق، الكُـرد منهم خاصةً، وتُعرِضهم لاعتقالات تعسفية، إن كان عبر أدواتها من الميليشيات السورية أو نقلهم إلى المدن التركية ومحاكمتهم أو اعتقال المتواجدين منهم في تركيا، وذلك بتهم ملفقة (تهديد الأمن القومي التركي، الانتماء إلى منظمة إرهابية، القتل العمد… الخ)، بناءً على بيانات ومعلومات تجمعها وتُعممها الاستخبارات التركية على دوائر الأمن والشرطة.
على سبيل المثال، قضت محكمة هاتاي- التركية في 12 كانون الأول 2019 بالحكم المؤبد على سبعة من أهالي قرية «عمرا- ناحية راجو»- عفرين وبالسجن /12/عاماً على أربعة آخرين من القرية، رغم أنهم أفادوا أمام المحكمة أن الاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب، إذ تعرضوا للاعتقال في قريتهم أواسط أيلول 2018 من قبل الاستخبارات التركية ونُقلوا إلى تركيا، وتم اعتقال اثنين آخرين (أحدهما في القرية والآخر في تركيا) وأخفيا قسراً منذ آذار 2018.
وكذلك اعتقل ثلاثة مواطنين من بلدة جلمة في شهر أيار 2018م، ونُقلوا إلى هاتاي والحكم عليهم بالسجن أريع سنوات، كما قضت محكمة «كلس» بالسجن ست سنوات على مواطن يُعاني إعاقة ذهنية من قرية عبودان – ناحية بلبل والذي اعتقل أواخر كانون الثاني 2018م.
ويُذكر أن الاستخبارات والأمن في تركيا تعتقل أي كردي يُعثر في هاتفه ولو على صورة واحدة لمقاتل أو لراية من الرايات الكردية، ويحكم عليه القضاء بما لا يقل عن أربع سنوات من السجن. والأخطر في الأمر أن تم ترحيل شابين من عفرين اُعتقلا في تركيا وتسليمهما إلى هيئة تحرير الشام في إدلب لتحكم عليهما بالإعدام.
وإذ تتواصل الاعتقالات بحق السوريين في تركيا، ناشدت /40/ منظمة مدنية وحقوقية سورية بينها (مركز ليكولين للدراسات والأبحاث القانونية، الهيئة القانونية الكردية، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير…)، في 25 نيسان 2020م، السيد أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة والسيدة ميشال باشليت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، من أجل التدخل لوقف محاكمات تعسفية بحق أكثر من/90/ محتجزاً سورياً في السجون التركية.
أكدت المنظمات على «خوفها الشديد حول مصير أكثر من 90 محتجزاً سورياً تمّ تحويلهم إلى المحاكم التركية في الأشهر الأخيرة من العام2019، بعد أن أمضوا فترات اعتقال مختلفة على الأراضي السوريّة داخل مراكز احتجاز غير رسمية تشرف عليها فصائل من (الجيش الوطني السوري/المعارض) التابع للإئتلاف السوري»، و «الاعتقالات طالت مواطنين سوريين من خلفيات إثنية مختلفة منهم (عرب وكرد)، وقد تم التحقق من تعرّض عدد منهم إلى سوء معاملة وانتزاع اعترافات منهم تحت الضغط والإكراه في سوريا قبل نقلهم إلى الأراضي التركية».
كما أوضحت المنظمات أنها حصلت على معلومات مؤكّدة تفيد بتحويل المعتقلين إلى سجن «حلوان المغلق/ هيلڤان/Hilvan» الكائن في ولاية أورفا التركية، وتحويلهم إلى محكمة (AĞIR CEZA MAHKEMESİ)، وتوجيه الاتهامات التالية لهم: «الإخلال بوحدة الدولة التركية، محاولة تجزئة البلاد (القصد بها تركيا)، الانتماء لمنظمة إرهابية مسلحة (القصد هنا: قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب YPG..ألخ)، القتل العمد»، حيث تم تأجيل موعد المحاكمة بسبب وباء كورونا.
وأضافت المنظمات في مناشدتها: «إنّ نقل مواطنين سوريين إلى داخل الأراضي التركية للمثول أمام محاكمها، من دون أن يرتكبوا أي جرم على أراضيها أو بحق مواطنيها أو الاضرار بممتلكاتهم، وتطبيق قوانين الدولة التركية بحقهم، يعتبر مخالفة للقوانين والأعراف الدولية، وعلى فرض أنّهم قاموا بارتكاب مخالفات أو جرائم ما، فإنّ المحاكم السورية هي صاحبة الاختصاص وليست التركية. وحيث أنّ الدولة التركية تُعتبر دولة احتلال – رغم عدم إعلانها لحالة الاحتلال بعد- فينبغي عليها التصرف وفقاً للالتزامات الواردة عليها في اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتكولاتها لعام 1949، والتي حظرت على دولة الاحتلال النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه (المادة 49 من الاتفاقية الرابعة)». وطالبت المنظمات الموقعة بـ «الضغط على الحكومة التركية لوقف المحاكمات التعسفية بحق المحتجزين الذي تمّ نقلهم من سوريا، السماح للجان والمنظمات الدولية المحايدة والمستقلة بالوصول إلى المحتجزين والوقوف على حيثيات الحادثة، السماح لأهالي وذوي المعتقلين بالتواصل مع المحتجزين، الإفراج عن المحتجزين وإعادتهم إلى أراضي الدولة السورية».