تيمناً (بحمد الله وبركاته)، ابتهلوا بالأدعية وقراءة سورة الفتح، متمنين النصر لسيدهم المتغالي في الغرور والتكبر، على من وصفوهم بهتاناً وفسوقاً بـ (الكفار والملاحدة)؛ تسعون ألف «إمام خطيب» ومئات آلافٍ من مُريديهم وقادة «الإخوان المسلمين» و»حماس» وشرعيو «الثورة الجهادية» ومتزعمو ميليشياتها وشيوخ وعلماء مسلمين سوريين وغيرهم رَبَتوا على كتف سلطانهم المزعوم بالمباركة والتأييد لعدوانه على عفرين المسماة زوراً بـ (غصن الزيتون)، وأصدروا الفتاوى والبيانات مبررين الإرهاب والتوحش ضد الإنس والطبيعة والحيوان؛ متناسين قول الله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ» وحديث محمد رسول الله: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، وهم على علمٍ يقين أن معظم كُـرد عفرين مسلمون وفي كل بيتٍ من بيوتهم كتاب الذكر الحكيم وسجادة الصلاة ومسبحتها… صامتين صمت القبور، عن تهجير مئات آلاف كُـرد مسالمون من ديارهم، وعن الاستباحة والتعفيش، وعن قتل مدنيين وتعذيبهم، بينهم مسنين ونساء وأطفال، وعن الاختطاف والاعتقالات التعسفية، وعن الاستهزاء والاستعباد والحصار، وعن هتك الأعراض وحجز الحريات وسلب ونهب الممتلكات، وعن فرض فدى وأتاوى دون وجه حق، وعن تدنيس مساجد ومزارات وأضرحة ومقابر، علاوةً على تخريب وسرقة بعضها.
صمتوا عن تهديم مئذنة مسجد بلدة شيه/شيخ الحديد القديم، بيتٌ من بيوت الله، الذي حفرت ميليشيا متمرسة في الظلم والإجرام تحت مبانيه بحثاً عن الآثار الثمينة، في جريمة مرتكبة بوقاحةٍ وعلانية لا تحتاج لتحقيق أو شهود!
صمتوا عن تطهير عرقي بحق شعبٍ يعيش على أرضه التاريخية ويبغي السلام للجميع، وعن سياسات وممارسات تركية- عثمانية توسعية جديدة تستغل الدين الإسلامي ومحبيه جهاراً نهاراً، وتقتل الروح السمحاء فيه.
صمتوا عن أفعال شنيعة لميليشيات امتهنت اللصوصية والإجرام بحق الإنسان والشجر والحجر، وتمرغت في الارتزاق والتبعية، تلك التي لا تحس بأي ذنب من إسقاط مئذنة مسجد، فلم تعتذر أو تبرر الهدم لسببٍ ما.
صمتوا عن فصول الحقد والجهل والكراهية المنتهجة بحق الكُـرد هنا وهناك، وعن مصادر الفتن والشرّ والدمار، في تحطيم للقيم الإنسانية.
يذرفون الدموع على مسلمي بورما والهند والصين ونيوزيلندا وغيرها، دون أن يرف لهمٌ جفنٌ على مسلمي عفرين وغيرها.
الإيمان ليس بحفي الشوارب وعفي اللحى واكتساء العباءات، إنما بفعل الخير لبني آدم وتجنب إيذائه أولاً.
فلا يحق لمن يعتاش على الفساد والإفساد ويدعم «داعش» و «النصرة» وغيرهما من حاملي رايات الإرهاب أن يصنف الآخرين بين إرهابي وغير إرهابي، ولا أن يوزع صكوك الوطنية والإيمان.
فهل يصحُو الصامتون من غفلتهم إن لم نقل من شركهم في البغي والظلم، ليطلقوا العنان لصرخاتهم ويعودوا لتصحيح الخطيئة والمسار نحو حفظ «الدين والنفس والعرض والمال والعقل»!