تركز مضمون افتتاحية جريدة الوحـدة – العدد /315/ المعنونة بـ «عامٌ آخر على جرحنا السوري النازف… عنفٌ مستمر وانسدادٌ في الأفق» على ما يلي:
١. البحث عن بريق أمل من قبل السوريين، ووضع حدٍ لمحنتهم.
٢. عدم اتعاظ أطراف النزاع في سوريا من هول الكارثة، في ظل غياب عملٍ جاد من أجل تفعيل حوار سوري- سوري أو السير في درب حلٍ سياسي ما.
٣. مضي أطراف النزاع السوري في اشتراطاتها ومراهناتها، سلطةً ومعارضة.
٤. وجود التنظيمات الإرهابية «داعش والنصرة وأخواتهما»، يُشكل خطراً دائماً.
٥. إمكانية الاتفاق بين القوى الدولية الفاعلة على تنفيذ بنود القرار الأممي رقم /٢٢٥٤/، للتخفيف من معاناة ومآسي المدنيين، بدلاً من تجيير معاناتهم لصالح أجنداتها الخاصة.
٦. الدور التركي المريب في الشأن السوري.
٧. هزيمة داعش في شرق الفرات، وغزو منطقتي كري سبي/تل أبيض و سري كانيه/رأس العين من قبل تركيا، بُعيد الانسحاب الأمريكي منهما.
٨. الدور المحوري لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» والإدارة الذاتية في محاربة الإرهاب.
٩. بعد حدوث الويلات والمآسي، على الحكومة السورية – بالدرجة الأولى- تحمل مسؤولياتها الوطنية، والكف عن رهانها على الخيار الأمني – العسكري.
١٠. وضع حدٍ للجرح السوري النازف، من خلال الإفتكار والعمل بحكمة وعقلانية، بعيداً عن نزعات الغرور والإقصاء والتطرف، للتخفيف من المعاناة وإزالة العقبات أمام العمل السياسي والحوار الوطني البيني.
إضاءة نقدية:
بدأ كاتب الافتتاحية بسرد الوقائع بلغةٍ بسيطة، وأحياناً أخرى بلغة استخفافية في قراءة الأحداث! والتي أحرقت قلوب الملايين السوريين المدنيين من الوريد إلى الوريد، مشيراً إلى عدم اتعاظ أطراف النزاع في سوريا، بينما هو في الأساس عبارة عن تصارع دول وقوى إقليمية ودولية على الجغرافية السورية، براً وجواً وبحراً، والتي أغرقت النظام الاستبدادي والمعارضة المتمثلة بالائتلاف السوري الإخوانجي المتطرف بكل مكوناته السياسية وميلشياته الجهادية، في حرب داخلية طاحنة؛ حيث أن الداعمين والممولين لهذه الحرب المدمرة يحركون (النظام والمعارضة الإخوانجية) كأحجار الشطرنج، حسب مصالحهم وأجنداتهم المتناقضة في سوريا!
وركَّز على الدور التركي المريب في الشأن السوري، والدور الهام لقوات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية في هزيمة الإرهاب الداعشي، وصولاً إلى إيجاد آلية نحو حل سياسي سوري- سوري ووضح حد للجرح السوري النازف.
أتفق مع ما جاء في الافتتاحية عامةً، إنما لا بد من التطرق إلى بعض نقاط الخلاف الجزئي كالتالي:
١. اعتبار المدنيين السوريين متمتعين بالفكر السلمي واللاعنفي ولم تتلطخ أيديهم بالدم السوري! ينافي حقيقة انجرار أغلبهم إلى الطرفين المتحاربين.
٢. أعتبر أن أطراف النزاع في سوريا، هي أطراف تتناقض وتتصارع على السلطة والسعي إلى النفود المستقبلي على مقدرات السوريين في كل المجالات.
٣. تركيا الفاشية وعصابات المرتزقة السورية المنفلتة تمارس دوراً إجرامياً، وليس دوراً مريباً فقط، إذ ترتكب أفظع الجرائم الجنائية الممنهجة «القتل والتعذيب، النهب والسرقة، التهجير القسري للسكان الأصليين وإسكان الغير عنوةً»…كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي وإحداث تغيير ديمغرافي، خاصةً في المناطق الكردية التي غزتها واحتلتها.
٤. أعتبر وجود التنظيمات الإرهابية في إدلب وريفها والتي تشكل خطراً حقيقياً على الخارطة السورية، ونزوح المدنيين للمناطق المجاورة جراء الهجمات التي تشنها قوات النظام السوري وروسيا، نتيجة فعلية لاتفاقات وتفاهمات سرية للتخلص منها بمنهجية ما، وأن النزوح هو في غالبيته ليس مدني بحت، إنما لأفراد وعوائل هذه العصابات الإجرامية المتطرفة أيضاً، لذا فهو أشد خطورةً.
٥. تنظيم «داعش» لم يُهزم بَعد بالمعنى الدقيق، ولو أنهي فعلياً في شرق الفرات، حيث تم نقل وانتقال الكثير من أفراده وعوائلهم إلى إدلب وحمص وحماة والغوطة وغيرها، ومن ثم تدويرهم على الأراضي التركية وبتمويل قطري وإعادة صناعتهم بلباس «الجيش الوطني السوري»، وتم زجهم في غزو واحتلال المناطق الكردية الثلاث (عفرين، كري سبي، سري كانيه) لما وصفت بـ «بلاد الكفار»، وتم اختراق الجدار الكردي نتيجة هشاشة بيته الداخلي أصلاً، بسبب تشتت الحركة الكردية في سوريا، طرف مستحكم بالإدارة الذاتية وأحزاب مؤيدة له، وطرف ملتحق بالائتلاف السوري المعارض… الخ؛ ولا يزال الجيش التركي ومرتزقته يحدثون تدميراً شاملاً للمناطق الكردية، ويحاولون إمحاء كل ما هو متصل بالهوية الكردية وثقافتها، بحجة تهديد الأمن القومي التركي، ولمنع نشوء أي كيان كردي مستقبلي.
٦. أما بخصوص إمكانية الاتفاق بين القوى الاقليمية والدولية الفاعلة على تنفيذ القرار الأممي /٢٢٥٤/ وتمهيد الأجواء لإنجاح الحوارات والمفاوضات، فإنني أعتبر ذلك أمرٌ صعب المنال في المدى المنظور، نظراً لتمسك أطراف الصراع الفاعلة بتنفيذ مخططاتهم وفق مصالحهم بدقة تامة، وإطالة أمد الصراع ثم التهام أكبر حصةً من الفيتامينات والدسم السوري؛ مما ينعكس على تمسك أطراف الصراع السوريين باشتراطاتهم.
٧. أعتبر أن آلية تسوية النزاع في سوريا المطروحة عبر إقرار الحكومة السورية بالمسؤولية والالتزام بالواجبات وقبول الحوار الطوعي مع «قسد» والادارة الذاتية نحو دولة سورية لا مركزية تعددية ديمقراطية، مخاطبةً السوريين الذين لا حول ولا قوة لهما، تُعبر عن أمرٍ غير ضامن؛ فأعتقد أن المسألة تقتضي جولات تفاهم بين قوى فاعلة كبرى حول مستقبل سوريا، وإعادة التموضع من جديد ضمن قائمة المصالح النفطية، الاقتصادية، المعابر، وتصفية الحسابات، ثم فرض إرادة ما على السوريين، وتسوية ما على الأطراف المتصارعة على أرض الواقع؛ القوى التي لم تدع مجالاً فعلياً للسوريين من أجل الإفتكار والعمل بجدية وعقلانية نحو وضع حدٍ لإستدامة سيلان نزف دم أبنائهم، لحين موعد تلاقي مصالحها وتوازنات خططها التي تدون من خلال صكوك جهنمية تسمى «بالضمانات»، حينها يقترب موعد بلسم للجرح السوري الذي يتطلب فترةً زمنية للتعافي من قساوة ومرارة سنوات ضاعت من عمر الشباب والشابات وقزمت من تطلعاتهم وهممهم.
- جريدة الوحـدة – العدد 316 – كانون الثاني 2020 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).