القسم العاممختارات

يُترجم ويُنفذ الأجندات التركية بخصوص الحركة الكردية والكردستانية!!!

محمد علي كيلا*

كثر الحديث عن أهمية وضرورة وحدة الصف الكردي في سوريا بعد احتلال منطقتي سرى كانية/رأس العين وكري سبي/تل أبيض شقيقات عفرين الجريحة، والتبعات التي رافقت عمليات الاحتلال وبعدها، من تشريد الكُـرد وتهجيرهم قسراً، وتوطين المستقدمين ونازحي المناطق الأخرى بدلاً عنهم، وممارسة الانتهاكات والجرائم بشكل مدروس وممنهج من قبل الجيش التركي ومرتزقته من الميليشيات الإرهابية التابعة لحكومة الائتلاف السوري الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والذي يعتبر المجلس الوطني الكردي نفسه جزءاً رئيسياً منه، ليس هذا فحسب، بل ومشاركة المجلس المذكور في عملية احتلال عفرين وفي تأسيس ما تسمى بـ «مجالسها المحلية»، وتغاضيه عن تداعيات الاحتلال وما يرتكب بحق الكُـرد في ظله حتى يومنا هذا، دون أي رادع أو وازع قومي أو وطني أو إنساني يُذكر.
ومما لا شك فيه بأن المواقف السياسية والمبادرات التي اتسمت ولدرجة كبيرة بالبناءة والمسؤولة من القوى الفاعلة والمؤثرة في مجمل الشأن الكردي العام في سوريا أعطت قوة دفع قوية، ليطفوا على السطح المطلب الشعبي القديم الجديد «وحدة الصف الكردي في سوريا». من تلك المواقف والمبادرات:
أولاً – مواقف نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، التي تجلت بشكلٍ واضح لا لبس فيها، حيث أكد:

  • بأن سيادته رئيس لإقليم كردستان – عراق – له التزاماته وواجباته.
  • دعوة الحركة الكردية في سوريا لفتح قنوات الحوار مع النظام السوري لأجل معالجة القضية الكردية.
  • دعم سيادته لمبادرة الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» حول وحدة الصف الكردي.

بالنظر إلى هذه النقاط الثلاث والتمعن في حيثيات تلك العناوين، يتبين بأن سيادته أراد أن يرسل رسائل بحجم تلك العناوين إلى قيادات الحركة الكردية بشكل عام وقيادة وأنصار المجلس الوطني الكردي بشكل خاص.
ثانياً – مبادرة الجنرال مظلوم عبدي وتأكيده على بذل كل الجهود والمساعي لتذليل العقبات التي تعترض تأطير جميع أطراف الحركة الكردية في سوريا، لما له من أهمية بالغة في المرحلة الحالية؛ واستجابةً لمبادرته وبعملٍ من الجنرال أصدرت الهيئة الداخلية للإدارة الذاتية في شمال و شرق سوريا بياناً موجهاً إلى الرأي العام بتاريخ 17/12/2019 جاء فيه:
«إيماناً منا بأهمية هذه المبادرة في خدمة المصلحة العامة، نعلن بأنه لا عائق قانوني أمام المجلس الوطني الكردي في سوريا من أجل فتح مكاتبه التنظيمية والحزبية ومزاولة نشاطه السياسي والإعلامي والاجتماعي دون الحاجة إلى موافقات أمنية مسبقة… كما نعلن عن إسقاط القضايا المرفوعة أمام القضاء بحق شخصيات وقيادات المجلس الوطني الكردي المقيمة خارج البلاد ومن دون أية استثناءات… أما فيما يتعلق بتسوية ملف السجناء والمغيبين استلمنا قائمة… وشكلنا لجنة مختصة لتقصي الحقائق والتحقيق في الملف وسنشارك جميع نتائج عمل اللجنة مع المجلس وقيادة قسد في أقرب وقت ممكن …».
ولا يخفى على جميع المتابعين ما يجول في خطابات مسؤولي المجلس وأهم القرارات المتخذة في الفترة الأخيرة أو المقابلات الإعلامية لمختلف مكونات المجلس، فلا بد من ملاحظة:
1- تَقَصُد قيادة المجلس ربط مصير المجلس بقيادة إقليم كردستان وخاصة بالرئيس مسعود بارزاني وحزبه، تحت يافطة «سيادته مرجعيتنا، وبيننا مشروع قومي مشترك»، في وقتٍ تخلو فيه جميع وثائق المجلس من أي «مشروع قومي كردستاني»، وكل ما يمكن قوله هو غوص المجلس بعناوين وشعارات متضاربة ومتناقضة في معظم الأحيان. إن الغاية الحقيقية من هذا الربط هو أمرين فقط:

  • تحميل قيادة الديمقراطي الكردستاني وفي المقدمة منها الرئيس مسعود بارزاني مسؤولية تشتت الحركة الكردية في سوريا، على الرغم من التصريحات الإيجابية العلنية للسيد رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني، وتأكيد جميع من التقى بالسيد مسعود بارزاني حرصه الشديد على وحدة الصف الكردي في سوريا.
  • إحراج قيادة إقليم كردستان في مواجهة تركيا التي تعادي أي تقارب كردي- كردي، وخاصةً في سوريا، في ظل الأجواء التي تعصف بالمنطقة المحيطة بالإقليم، عراق وإيران وسوريا.

2 – تمسك المجلس وحرصه على البقاء في الائتلاف وتفضيله على أي تقارب كردي – كردي، على الرغم من احتلال الميليشيات الارهابية التابعة للائتلاف برفقة الجيش التركي لثلاث مناطق كردية، وممارستها أبشع أنواع البطش والتنكيل بحق أبناء الشعب الكردي الذي كان من المفروض أن يكون بمثابة خط أحمر بالنسبة للمجلس!
3 – تشكيل لجنة من قيادة المجلس الوطني مؤخراً، وسفرها إلى أنقرة واجتماعها مع مسؤولين أتراك وقيادة الائتلاف، وزعمها تجاوز النقاط الخلافية والعودة الرسمية إلى اجتماعاته- بعد الإعلان الصوري للمجلس عدم حضور ممثليه اجتماعات الائتلاف مدة ثلاثة أشهر، إضافةً إلى إعلانها لتشكيل لجنة مشتركة مزعومة لتقصي الانتهاكات في المناطق الكردية الثلاث المحتلة، وقبول المجلس لـ «أمر واقع الوجود التركي ووجود الميليشيات»، بينما رفض طوال سبع سنوات قبول ما تسميه بـ «سلطة أمر الواقع من PYD و YPG»، رغم الاختلاف الواضح والجوهري بين السلطتين- إن صح التعبير، بل وتجاهلت قيادة المجلس وعن سبق الإصرار والتصميم كل الدعوات والمبادرات لتقاربٍ محتمل مع الأطراف الكردية الأخرى… أمرٌ يبعث على الشك والريبة!
4 – إصرار المجلس وتمسكه بمعالجة نتائج الخلاف مع الطرف الكردي الآخر قبل البدء بمعالجة الأسباب، وتحججه بموضوعاتٍ ثانوية على حساب مسائل استراتيجية يتوجب الاتفاق عليها عاجلاً، على الرغم من المرونة التي أبداها الطرف الآخر في مواقفه وتعامله معه.
5 – تمسك المجلس بقضية «السجناء لدى الإدارة الذاتية» وعددهم عشرة أشخاص، أمر هام للغاية، لأن الاعتقال السياسي أمرٌ مدان، ويلجأ إليه الضعفاء ولا يناسب بالمطلق ممارسات من يناضل من أجل الحقوق والحريات؛ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على قيادة المجلس، هل قارنتم في يوم من الأيام بين عدد معتقليكم لدى الادارة الذاتية وعدد المعتقلين الكُـرد لدى حليفكم الائتلافي الإخواني التركي؟، أو قارنتم سجنائكم مع الذين استشهدوا ويستشهدون يومياً بأيدي إرهابيكم في عفرين؟، أم تستغلون «قضية سجنائكم» في مآربكم المتوائمة مع الأجندات التركية، وتتخذونها شماعةً لفشلكم؟!
6 – إصرار المجلس وإلحاحه على أن يكون الاتفاق «سياسياً وإدارياً وعسكرياً» بين الطرفين، المجلس والـ «PYD» فقط، دون أي اعتبار لأطرافٍ أخرى، دليلٌ آخر على تهرب المجلس من أية عملية تقارب.
7- تمسك المجلس وإصراره على مقولة «تهيئة الظروف وترطيب الأجواء على الأرض» كشرط أساسي دون إبداء أي التزام من جانبه، يعتبر اسلوب ديماغوجي وانتهازي يعتمده القائمين على قيادة المجلس لتحسين مكانتهم والحصول على مكاسب أفضل لدى تركيا والائتلاف.
عند مراجعة مواقف المجلس الوطني الكردي ودوره السلبي والمسيء للقضية الكردية منذ عامين على الأقل بالإضافة إلى تلك الملاحظات السابقة الذكر يتضح جلياً بأن المجلس بات يترجم وينفذ الأجندات التركية بخصوص الحركة الكردية والكردستانية، ومن داخلها.
ولإجهاض مخططات وألاعيب المجلس ومن خلفه تركيا والإخوان المسلمين، أصبح لزاماً على جميع من تعزُّ عليه قضية الشعب الكردي في سوريا العمل على محورين متلازمين:
أولاً – مطالبة الإدارة الذاتية والقائمين عليها باتخاذ إجراءات وخطوات لسحب جميع المبررات من يد المجلس، وذلك بالإفراج الفوري عن المعتقلين أو تقديمهم لمحاكمات عادلة وعلنية، ودعوة قيادة المجلس لحضور جلسات المحاكمة؛ وإغلاق ملف الاعتقال السياسي السيء الصيت وتوسيع دائرة الحريات العامة والخاصة والحزم في القضايا التي تخص السلم الأهلي.
ثانيا – تشكيل منصة كردية من الأطراف المتواجدة ( ت ف دم، تحالف، تقدمي… )، وذلك بالاتفاق على برنامج الحد الأدنى كالاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا .
/كوبنهاغن- دانمرك

جريدة الوحـدة – العدد 316 – كانون الثاني 2020 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى