عملية (نبع السلام): عدوان على أراضي دولة، وارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد لإنسانية
ملحق الوحـدة*
العملية العسكرية التي سمتها تركيا بهتاناً بـ (نبع السلام) وشنتها على الأراضي السورية – شمال وشرق البلاد، في الـ 9 تشرين الأول 2019، تعتبر «جريمة العدوان» على دولةٍ أخرى جارة (الجمهورية العربية السورية) عضو في الأمم المتحدة، باستعمال القوة المسلحة وبصورة تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة، حيث لم يكن هناك أي تهديد مباشر أو هجوم وشيك على الأراضي التركية من الجهة السورية؛ وهذه العملية تُعرِّض سلامة سوريا الإقليمية واستقلالها السياسي، بل والسلم والاستقرار العالميين للخطر الشديد، نظراً لإمكانية انبعاث تنظيم داعش الإرهابي في ظل الفوضى المتوقعة. كما أنَّ معظم الدول العربية والأجنبية ومنظومات دولية أكدت على معارضتها للعملية التركية تلك، وعلى نفي مبرراتها والحجج التي تسوقها حكومة أنقرة، مُشيرين إلى خطورتها على العالم أجمع.
كما أن الجيش التركي ومرتزقته من ميليشيات ما تسمى بـ (الجيش الوطني السوري)، أثناء الأعمال القتالية، باستخدام مختلف صنوف الأسلحة، براً وجواً، قد ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة، منها:
– تَعمُّد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أدت إلى تهجير قسري لنحو /300/ ألف من السكان المدنيين الآمنين، وقد ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي ضد الكُـرد والأقليات الأثنية والدينية الأخرى. وإخلاء مخيم المبروكة في ريف سري كانيه لنازحين سابقين بسبب سقوط القذائف عليه.
– تَعمُّد توجيه هجمات ضد المدنيين، حيث سقط أكثر من /250/ شهيد مدني، بينهم /18/ طفلاً و/5/ من الكادر الطبي وثلاثة صحفيين، و/1100/ جريحاً، بينهم أطفال ونساء وكبار السن، في وقتٍ لم يكونوا فيه الضحايا مشاركين في نشاطات عسكرية.
– استهداف قافلة سيارات تقل مدنيين، ضمن مدينة سري كانيه، يوم الأحد 13 تشرين ألأول 2019، وارتكاب مجزرة، إثر قصفها من قبل الجانب التركي، راح ضحيته حوالي /20/ شهيد مدني وحوالي /100/ جريح.
– اختطاف سيارة إسعاف مع /4/ من الكادر الطبي، عائدة للهلال الأحمر الكردي، صباح الأحد 13/10/2019، عندما كانت متوجهة إلى مدينة تل أبيض لإنقاذ المصابين، وإعدام ميداني لإثنين منهما.
– اختطاف الطبيبة مقبولة سونغر، التي كانت تعمل ضمن فرق الهلال الأحمر الكردي.
– استهداف النقطة الطبية للهلال الأحمر الكردي في سري كانيه، صباح 12/10/2019، حيث أصيب سائق إسعاف وتضررت سيارات إسعاف، وتم إخلاء النقطة من جميع الجرحى. وقد فقد المسعف هائل الصالح حياته بتاريخ 17/10/2019، إثر الجراح التي أصابته في وقتٍ سابق.
– خروج مستوصف عين ديوار- ديريك عن الخدمة بسبب القصف، واستهداف النقطة الطبية لمركز الهلال الأحمر الكردي في قرية الصالحية- سري كانيه.
– اعتباراً من 11/10/2019، خروج مشفى روج في سري كانيه والمشفى الوطني في تل أبيض من الخدمة، بسبب سقوط القذائف بالقرب منه وخطورة الوضع على الكادر الطبي.
– ارتكاب مجزرة بحق /6/ مدنيين، من بينهم المهندسة هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، من قبل ميليشيات أحرار الشرقية لدى تسللها صباح 12/10/2019 إلى الطريق الدولي M4 الواصل بين بلدتي عين عيسى و تل تمر.
– استهداف محطة مياه الشرب الرئيسية المغذية لكامل منطقة الحسكة في قرية علوك بريف سري كانيه (رأس العين)، ومن فريق الصيانة من إصلاحها، مما يهدد بحرمان حوالي /500/ ألف شخص من مياه الشرب.
– /3/ قتلى شهداء وتسعة جرحى مدنيين، إثر تفجير سيارة مفخخة وسط شارع منير حبيب بمدينة قامشلو، يوم 11/10/2019.
– استهداف سجن «جيركين» في مدينة قامشلو، بتاريخ 11/10/2019 وفرار خمسة معتقلين من داعش، السجن الذي كان يأوي الآلاف من عناصر داعش، مما اضطرت قوات الأمن الداخلي على نقلهم إلى سجن آخر.
_ تدمير /20/ مدرسة بالكامل في سري كانيه وقراها، وتوقف حوالي /790/ مدرسة في مناطق شمال وشرق الفرات عن العمل- حسب إحصاءات هيئة التربية والتعليم لدى الإدارة الذاتية.
– تدمير منازل للمدنيين واستهداف بنى تحتية ومرافق عامة، وسرقة ونهب الممتلكات العامة والخاصة، خاصةً في مدينة سري كانيه (رأس العين).
– في قرية مشرافة – 1كم عن رأس العين- /17/ مدنياً متوفون تحت أنقاض منازلهم، تم انتشال جثامينهم في 18/10/2019 من قبل مدنيين توجهوا ضمن قافلة إلى سري كانيه، التي استهدفت من قبل قنَّاص العدو.
– التمثيل بجثمان المقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة عزيزة جلال بنت عزيز (الاسم الحركي أمارا ريناس)، بعد استشهادها بتاريخ 21/10/2019، بقرية جلبية في ريف كوباني.
– المعاملة المهينة للأسيرة «جيجك كوباني» المقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة، بعد إصابتها في معركة قرية مشرفة – عين عيسى، مساء 21/10/2019.
– استخدام قنابل الفوسفور الأبيض في قصف مدينة سري كانيه بتاريخ 13/10/2019، مما أدى إلى إصابة مدنيين، بينهم أطفال، بحروق بالغة ورما تودي إلى ظهور أمراض أخرى، وقد صدر عن هذا الحدث الكثير من التقارير، من بينها واحدة للطبيب عباس منصوران.
– إعدام /3/ أشخاص ميدانياً في قرية الدبش، الواقعة بين ناحيتي زركان/ أبو راسين و الدرباسية، وفقاً لما أفادت به وكالة هاوار للأنباء التي اطلعت على صور لجثماني الضحايا ولم تتمكن من معرفة هوياتهم .
– منع عودة عوائل أرمنية إلى مدينتهم المحتلة تل أبيض، حيث في الأساس بسبب الخوف من التعرض للانتهاكات والجرائم غالبية سكان المناطق المحتلة لا يجرؤن على العودة، في وقتٍ الأوضاع المأساوية لمنطقة عفرين المحتلة ماثلةً فيه أمام عيونهم.
خرق وقف إطلاق النار
بُعيد الاتفاق الأمريكي والتركي ووقف إطلاق النار اعتباراً من العاشرة مساءً في 17/10/2019، تم خرقه في اليوم التالي باستهداف قافلة مدنية بالقناص وقصف قرى في ريف سري كانيه: «أم الخير» فاستشهد /9/ مدنيين وجُرح حوالي /20/ منهم، و «زركان» فاستشهد /3/ مدنيين وجرح /5/ منهم، و «أبو راسين» ليقع حوالي /30/ مدني بين شهيد وجريح»، وإعدام ثلاثة مدنيين رمياً بالرصاص في محيط سري كانيه بتاريخ 19/10/2019؛ وكذلك خرق وقف إطلاق النار الناجم عن مذكرة التفاهم بين تركيا وروسيا، في سوتشي 22 /10/ 2019، ولا يزال بالهجوم على قرى في ريف سري كانيه وفي ريف تل تمر أيضاً. وبما أن إعلان وقف إطلاق النار بين طرفين متحاربين بمثابة «اتفاق هدنة»، فإن تلك الخروقات من الجانب التركي تُعدُّ مخالفات جسيمة لاتفاقية لاهاي /1907/ المنصوصة عنه.
منظمة العفو الدولية تتهم
في تقرير لها نُشر في 18/10/2019م بعنوان «أدلة دامغة على جرائم الحرب…»، تقول المنظمة: «القوات التركية وتحالف المجموعات المسلحة المدعومة من قبلها أظهرت تجاهلاً مخزياً لحياة المدنيين، عبر انتهاكات جدية وجرائم حرب، من بينها عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين».
وأكدت المنظمة أن «المعلومات التي جرى جمعها توفر أدلة دامغة حول هجمات من دون تمييز على المناطق السكنية، بينها منزل وفرن ومدرسة»، فضلاً عن «عملية قتل بإجراءات موجزة وبدماء باردة بحق السياسية الكردية هرفين خلف على يد عناصر فصيل أحرار الشرقية».
الأمم المتحدة قلقة
أبدت هيئة الأمم المتحدة عن قلقها من تدهور الأوضاع الإنسانية جراء العملية العسكرية التركية، وفي إحاطة إعلامية للمتحدّث باسم «المفوّضة السامية لحقوق الإنسان» السيد روبرت كولفيل، 15 تشرين الأوّل 2019- جنيف، أكد على السعي في التَحقُق من استهداف قافلة مدنيين في رأس العين بتاريخ 13 تشرن الأول، كما أكد على استلام المفوضية لتقارير عن استهداف المدنيين وإعدامات ميدانية، منها التي طالت السياسية هفرين خلف، ووصفها بـ»إجراءات موجزة من الانتهاكات الخطيرة التي قد ترقى إلى جرائم الحرب». وقال كوفيل: «يمكن اعتبار تركيا مسؤولة كدولة عن الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلّحة الموالية لها، ما دامت تركيا تسيطر فعليًّا على هذه الجماعات، أو على العمليّات التي وقعت خلالها تلك الانتهاكات».
وأكد كولفيل: «نبدي استياءنا الشديد من الهجمات التي اثرت على منشآت طبيّة»، وقال: «وردتنا تقارير عن هجمات أخرى استهدفت البنى التحتيّة المدنيّة، بما في ذلك خطوط الكهرباء وإمدادات المياه والمخابز».
جرائم تستوجب المحاكمة ولا تسقط بالتقادم
تلك الجرائم المرتكبة تندرج في إطار القتل العمد وإعدام واستهداف مدنيين ومساكن ومحلات وبنى تحتية ومرافق عامة من مستشفيات ومراكز وطواقم طبية وسجون وتهجير قسري للمدنيين ومعاملة مهينة لأسرى وتمثيل بجثامين قتلى واستخدام أسلحة محظورة، وهي جرائم حربٍ بامتياز وبعضها ترتقي لمستوى جرائم ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي الإنساني، تستوجب محاكمة المسؤولين عن ارتكابها أمام المحكمة الجنائية الدولية، خاصةً وأن تلك الجرائم وفق المادة /29/ من نظام روما الأساسي لا تسقط بالتقادم.
المسؤولية
إن خطاب الكراهية والحض على العنف في الحملات الإعلامية لحزب العدالة والتنمية – تركيا الحاكم ورئيسه رجب طيب أردوغان ورفاقه واضح ومكشوف، ووفق المادة /1/ من اتفاقية لاهاي 1907: «إن قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها لا تنطبق على الجيش فقط, بل تنطبق أيضاً على أفراد الميليشيات والوحدات المتطوعة…»، والمادة /8/ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تُعرِّف «جرائم الحرب»، والمادة /8 مكرر/ من ذات النظام التي تُعرِّف «جريمة العدوان»، فإن الحكومة التركية تتحمل كامل المسؤولية السياسية والقانونية عن النتائج التي نجمت عن الهجوم العسكري الذي شنه الجيش التركي وما يسمى بـ (الجيش الوطني السوري) الموالي له وللائتلاف السوري المعارض وحكومته المؤقتة. مما يستدعي محاكمة كل من (الرئيس رجب طيب أردوغان، خلوصي أكار وزير الدفاع التركي، سلَيمان حسن صويلو وزير الداخلية التركي، يشار غولار رئيس الأركان التركي) و (عبد الرحمن مصطفى رئيس الحكومة السورية المؤقتة، سليم إدريس وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة) وقادة ميدانيين في الجيشين أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.