لا يُفارق العلم التركي جلسات الائتلاف السوري المعارض وحكومته المؤقتة- طبعاً بحضور بعض (الكُـرد الجيدين)، ولا صدور عناصر الميليشيات المؤتمرة بفرمانات أردوغان، وهو المرفوع عالياً وبكثافة في مناطق ما تمسى بـ (درع الفرات وغصن الزيتون) السورية، وكأنه نيشان البطولة والفداء، أُريق الدم السوري غزيراً للظفر به أولاً.
احتلال تركيا لمناطق سورية وأنشطة سيادية متعددة، تقبلها تلك المعارضة المتملقة وشخوصها المتلونين، لطالما أنها من صناعة سلطانهم الجديد!… تغيرات ديموغرافية وتقاتل وفوضى يعمُّها، لا أمان ولا استقرار، تفجيرات وسرقات، منازعات وفساد، إرهابيون ومتطرفون يصولون ويجولون، من داعش ونصرة وغيرهما، وتغض العين عنها أيضاً فلا تراها؛ وتأتي لتتبجح بالقيم الوطنية والإنسانية، وتتباكى على سيادة سوريا ووحدة ترابها! فتُلقي التُهم جزافاً على الكُـرد ووحـدات حماية الشعب والمرأة YPG-YPJ، ومن نعوتٍ انفصالية وإرهابية… وفي هذا أيضاً وللأسف، (كُـردٌ جيدين) مشاركون، الذين تماهوا مع الخطاب التركي، ليقولوا: إن الفصائل المسلحة المتواجدة في عفرين وطنية، بينما قوات «قسد» إرهابية!
لمَ لا!… وراعيهم تنظيم الإخوان المسلمين أيد عدوان تركيا على عفرين، ويُعلن جهاراً نهاراً وقوفه إلى جانب تهديدات تركيا بإزالة قوات «قسد» من الوجود وإقامة منطقةٍ في شمال وشرق سوريا على هواها، لتسرح وتمرح فيها تشكيلات الإسلام السياسي مثل باقي مناطق شمال سوريا الواقعة تحت النفوذ التركي؛ لتذهب دماء وتضحيات أبطالنا وأحرار العالم الذي شاركوهم في القضاء على دولة داعش هباءً منثوراً.
لمَ لا!… واستنبول احتضنت مؤتمراً فكرياً للإخوان بحضور /500/ شخصية من جميع أنحاء العالم، في 14-15 أيلول، تحت عنوان: «الإخوان المسلمون.. أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة»… نعم هي هي! عقيدة وفريضة، رسالة الجهاد في سبيل بناء دولةٍ إسلامية نموذجية، ودمج الدين في الدولة والسياسة، وصهر الآخر المختلف في بوتقة شرعةٍ واحدةٍ أحد.
نعم!… لقد رأينا نماذجهم من (الدولة الإسلامية والحكم الرشيد)، دولة داعش في العراق وسوريا، وإمارة النصرة في إدلب، ومرابع ميليشيات جهادية في عفرين واعزاز والباب وجرابلس… نموذج قطع الرؤوس وتعليقها في الساحات العامة، قطع الأيادي وجلد الرجال والنساء أمام العوام، سبي النساء واغتصابهن واسترقاق الرجال والأطفال وبيعهم في سوق النخاسة، وفرض الأتاوى والفدى والحِسبة باسم الجزية والزكاة ومحاربة الكفر، الحجر على المرأة وتناولها سلعةً لدى سيدها الرجل… نموذج منع ممارسة السياسة وقمع حرية الرأي والصحافة وتقييد حرية اقتناء اللباس والأكل والشرب والغناء والموسيقى… نموذج الفوضى والفلتان، محو طرفٍ لطرف آخر إسلاموي مثله… نموذج البيعة والطاعة وليس حرية الانتخاب والاختيار والولاء للقيم!
نعم يا سادة يا كرام… رأينا نموذجهم، القتل والتعذيب، الخطف والاعتقال تعسفي، النهب والغنيمة، السلب والاستيلاء، التنازع والاقتتال، السرقات وذبح الغابات والأشجار، قطع أشجار التين والزيتون وهي حبلى، تلك التي باركها الله في كتابه العزيز!… تدمير المزارات والآثار، بل وتدمير الإنسان!
فلا ترى تركيا- العدالة والتنمية ورئيسها رجب طيب أردوغان غضاضة في التستر على تلك النماذج القروسطية، بل وحمايتها ورعايتها، لأن حزبه من ذات الطينة والأصل… فتنزعج من أي نموذجٍ سوريٍ آخر يشع منه نور الخلاص من الظلام والظالمين.