القسم العاممختارات

حرائق مفتعلة في حقول القمح والشعير – شمال وشرق سوريا… أضرار بأكثر من /12/ مليار ليرة سورية

سلمان بارودو*

إن الزراعة بشقيها النباتي والحيواني في سوريا بشكل عام، وفي شمال وشرق سوريا بشكل خاص، تعتبر من الموارد الاستراتيجية ومن أهم دعائم الأمن الغذائي وأحد الروافد المهمة من مصادر الدخل الأساس في الناتج المحلي، إلا أن ما تعرض له بلدنا سوريا منذ أكثر من ثمانية سنوات من حربِ مدمرة ومعارك دائرة فيه من قبل القوى الإرهابية، انعكس سلباً وبشدة على الوضع الاقتصادي وخاصة قطاع الزراعة، والذي بدوره أنعكس على الوضع المعيشي للمواطنين. وتزامناً مع بداية موسم الحصاد هذا العام 2019 والقضاء عسكرياً على آخر جيب من جيوب القوى الظلامية التكفيرية المتمثلة بداعش وأخوتها في آخر معقل لها ببلدة باغوز بدير الزور على يد قوات سوريا الديمقراطية وقوات حماية الشعب من YPG , YPJ بدأ مسلسل حوادث إحراق المحاصيل الزراعية، وخاصة محصولي القمح والشعير في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث كانت معظم هذه الحرائق مفتعلة، بفعل فاعل، وأن تنظيمَ داعش تبنى هذه الحرائق عبر صحيفته «النبأ» الصادرة عنه، وإعلانه إطلاق عملية تحت اسم (شمّروا عن سواعدكم وابدأوا الحصاد) لإحراق المحاصيل الزراعية في مناطق شمال وشرق سوريا. وكانت هناك أيضاً بعضُ أسباب أخرى لنشوب الحرائق كرمي أعقاب السجائر والشرار المتطاير من الماس الكهربائي وعوادم الآليات؛ إذ تمَّ القبضُ على بعض المشتبهين بهم في إضرام النيران بالمحاصيل.

وكانت لهذه الحرائق تأثير سلبي على الاقتصاد بشكل عام والزراعة بشكل خاص، وفي زيادة الفقر والبطالة وصعوبة الوضع المعيشي للمواطنين وارتفاع الأسعار، خاصةً الأغذية بسبب الاستيراد، وهذا بدوره يهدد الأمن الغذائي. 

لم يَسلمْ القطاع الزراعي من نتائج الحرب الكارثية في سوريا، أصابه أضرار جسمية، حيث  تحولت الكثير من المساحات الزراعية إلى ساحات معارك، صَعُبت معها إمكانية الحصول على البذار والأسمدة والأدوية المكافحة، وذلك من أجل زراعتها واستثمارها والنهوض بها، ليس هذا فحسب بل حتى صعبت إمكانية الوصول إلى هذه الأراضي نتيجة اتساع رقعة المعارك وتصعيدها، بذلك أفضى إلى تدمير مقومات الحياة أيضاً، وبالتالي نزح منها الفلاحون باتجاه المناطق الآمنة نسبياً، مما أدى إلى تراجع كبير في إنتاجية هذا القطاع الاستراتيجي الهام، منذ بداية الأزمة السورية؛ كما أن الاعتماد على الزراعة البعلية تزايد نتيجة ارتفاع تكاليف مستلزمات الزراعة وعدم توفر المحروقات والطاقة الكهربائية لتشغيل المضخات المركبة على الآبار الزراعية بسبب الدمار والخراب، وبحسب تقديرات منظمة الفاو عام 2013 تراجع إنتاج القمح من /4/ مليون طن إلى /2.400/ مليون طن، إضافةً إلى أن طبيعة السياسة الاقتصادية المتبعة وارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من بذار وفلاحات وأدوية مكافحة وأسمدة بأنواعها، قد ساهمَ في ترك الفلاح لأرضه والتوجه صوب ضواحي المدن من أجل القيام بأعمال أخرى، لذلك، فإن ترك الفلاح الزراعة والعزوف عنها مرتبطٌ ارتباطاً عضوياً وكلياً بالسياسات الاقتصادية المتبعة والظروف العامة في البلد المعني، فتحوّل الكثير من الفلاحين إلى العمل في خدمات هامشية كعمال عاديين في المطاعم والفنادق وغيرها، نتيجة عدم مقدرتهم على القيام بزراعة أراضيهم واستثمارها؛ يقول مهند هادي المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط: ((إن الأمنَ الغذائي لملايين الناس داخل سورية يواصل تدهوره، حيث يصنف أكثر من سبعة ملايين شخص على أنهم يعانون انعدام الأمن الغذائي في أنحاء البلاد بعد أن استنفدوا مدخراتهم ولم يعودوا قادرين على إطعام عائلاتهم).

فيما يلي حصيلة المساحات المحروقة من المحاصيل الزراعية على مستوى أراضي شمال وشرق سوريا:

إقليم الجزيرة:

– مقاطعة قامشلو: مساحة /214125/ دونم، بالإضافة إلى حوالي /3700/ شجرة مثمرة و /6/ حصادات و/2/ جرار زراعي ومدجنة ومنزل و/3/ شهداء من قوات سوريا الديمقراطية وواحد من الأسايش و /6/ مدنيين.

– مقاطعة الحسكة: مساحة /128757/ دونم، بالإضافة إلى /1.5/ دونم من الأشجار و/42/ من المواشي وحصادة واحدة و /38/ منزل و/8/ مستودعات.

دير الزور:

مساحة /6160/ دونم، بالإضافة إلى حصادة واحدة و/10/ طن قمح مكيس «مشول» و /390/ شجرة زيتون.

الرقة:

مساحة /7007/ دونم.

منبج:

مساحة /700/ دونم، بالإضافة إلى /2450/ شجرة زيتون ومساحة /50/ دونم من الأشجار المثمرة.

إقليم الفرات:

– مقاطعة كوباني: مساحة /23400/ دونم، بالإضافة إلى /1900/ شجرة زيتون وحصادة واحدة وشهيد من الأسايش و /3/ ضحايا مدنيين ومنزلين وجرا زراعي.

– مقاطعة كري سبي «تل أبيض»: مساحة /24180/ دونم و /9700/ شجرة زيتون.

الطبقة:

مساحة /21137/ دونم، بالإضافة إلى حرق /33.5/ طن قمح مخزن و /38.5/طن شعير مخزن و/14020/ شجرة مثمرة.

إن مجموع الأضرار تُقدر بأكثر من (12) مليار ليرة سورية.   

لذلك فإن دعمَ القطاع الزراعي الحيوي والاستراتيجي حاجةٌ وطنية ضرورية وخطوة مهمة لحماية المجتمع من كوارث اقتصادية واجتماعية، إلى جانب إبعاد شبح المجاعة والفقر وفقدان الأمن الغذائي، ولأجل مواجهة التهديدات التي يتعرض لها هذا القطاع.

*رئيس هيئة الاقتصاد والزراعة- المجلس التنفيذي في شمال وشرق سوريا.

* جريدة الوحـدة – العدد 310 – تموز 2019 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى