“تمثيل مناطق شمال وشمال شرق سوريا في مفاوضات جنيف لحل القضية السورية وفق القرار الدولي 2254”
تلبيةً لدعوةٍ منها، شارك مصطفى مشايخ- نائب سكرتير حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا في الاجتماع الخامس للحوار السوري – السوري، المسار الثاني- حوار مسار الشمال الشرقي، الذي نظمته مجموعة شيخ للاستشارات السياسية في مدينة باريس 30-31 تموز 2019، في إطار مبادرة أطلقته المجموعة، «وهو مشروع هدفه تشجيع الحوار وحشد الإجماع ما بين فاعلين سوريين أساسيين، ومساعدتهم في طرح مقترحات يمكن تنفيذها لعملية سياسية مستقبلية بقيادة السوريين لإنهاء الصراع في سورية»- حسب وصفها. وإليكم النص الكامل لمداخلة السيد مشايخ:
أيها الحضور الكريم، أسعدَ الله أوقاتكم…
نرغب الحديثَ عن نقطتين نراهما في غاية الأهمية:
أولاً: حول التطورات الأخيرة في المنطقة الشمالية والشمال الشرقي من البلاد:
ليس بخافٍ على أحدٍ ما تشهدُهُ مناطق الإدارة الذاتية التي تشارك فيها كل مكونات المنطقة من استقرار نسبي وحالة أمنٍ وأمان شبه مستقرة، تتخللٌها أحياناً اختراقات أمنية ومفخخاتٌ هنا وهناك، تودي بحياة بعض المواطنين أو قوات الأسايش، حيث الغاية منها هي خلقُ حالةٍ من الإرباك والبلبلة وضرب حالة الوفاق والسلم الأهلي في المنطقة، ويقف وراءها التنظيمُ الإرهابي المهزوم «داعش» وجهاتٌ إقليمية أخرى تنظرُ بعين الشك والريبة وعدم الارتياح لحالة الأمان في هذه المنطقة من بلادنا سوريا.
إلا أنَّ الحالة الأكثرَ خطورةً وتهديداً لأمن المنطقة وأهلها، هي التهديدات التركية باجتياح مناطق الإدارة الذاتية-شرق الفرات بذرائع ملفقة تخفي وراءها أطماعاً بالاحتلال باتت مكشوفةً للقاصي والداني، حيث تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية ورئيسُها بشتى السبل احتلالَ المنطقة أسوةً بعفرين التي يقاسي أهلُها الأمرّين على يد الفصائل الجهادية الإسلامية المتطرفة وأخواتها من بقايا داعش وجبهة النصرة ومجموعاتٍ مشحونةٍ بالعنصرية والتطرّف تمارس الجريمة المنظمة بحق أهلها بتخطيطٍ ممنهجٍ من جانب المخابرات التركية التي تشرفُ على عملية التغيير الديموغرافي الذي يهدف إلى إفراغ المنطقة من سكانها وإسكان مواطني الغوطة ومجموعاتٍ من التركمان على الشريط الحدودي. إنّ هذا التهديدَ والوعيدَ باجتياح مناطقنا لا يستندُ على أي مبرر منطقي، فلم تنطلق رصاصة واحدة من جانب مناطق الإدارة الذاتية صوبَ الحدود التركية، ولم يتم تهديد أمنها القومي قيدَ أنملة كما تدّعي حكومتها، وإننا لا نكنّ العداء للشعوب المجاورة بما فيها الشعب التركي، بل نطمحُ لعلاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل بيننا، مجددين التأكيدَ على أنّ التحشدات العسكرية الجارية على حدود بلادنا الشمالية تلحق الضرر والأذى بأمن منطقة الإدارة واستقرارها والحالة المعيشية لأهلها، كما أنها تساهمُ في عرقلة هذا المسار الذي جئنا جميعاً إلى هنا لأجله، ألا وهو مسارُ حوار السوريين للبحث عن حلولٍ لأزمة بلادهم الخانقة التي باتت تتحكّمُ بها المصالحُ الدولية والإقليمية وليس مصلحة السوريين المتطلعين بشغفٍ إلى إنهاء هذه الحرب والإتيان بنظام حكمٍ ديمقراطي تعددي لامركزي يعزز وحدة البلاد، وينعمُ في ظله كلُّ السوريين بالحقوق المتساوية والكرامة الوطنية.
ومن هنا، ومن خلال الدول الراعية لهذا المسار، نناشدُ الدول العظمى والمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة القيامَ بواجبها لقطع الطريق أمام التهديدات التركية التي إنْ حدثتْ، سوف تكون لها تبعاتٌ سلبية على عموم المنطقة، وينبغي أن ندرك بأن الهدفَ الأساسي من هذه التحركات التركية هو معاداة الكرد وعرقلة الحل السياسي للأزمة السورية.
ثانياً: بعض الملاحظات على مسودة الاتفاق السياسي المنشود:
بإيجازٍ شديد، نرى بأن الاتفاق على النقاط التسعة في الجلسة الرابعة هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ينبغي بذل المزيد من الجهد والبحث في آليات تنفيذها، وفي المقدمة منها آلية تشكيل قوام اللجنة المشرفة على تطبيق الوثيقة السياسية، حيث يجب من وجهة نظرنا أن تكون هذه اللجنة بمثابة مرجعيةٍ عامة للأطراف الموقّعة على الاتفاق السياسي ذات صلاحية واسعة، يتمّ العودة إليها في مجمل القضايا وتكون صاحب قرار، وأنْ تشاركَ فيها منظماتُ المجتمع المدني والجهات الحقوقية والنسوية، ويكونُ من أولويات مهامها التحرّك بالتعاون مع الدول الضامنة لتمثيل مناطق شمال وشمال شرق سوريا في مفاوضات جنيف المرتقبة التي ترعاها الأمم المتحدة لحل القضية السورية وفق القرار الدولي 2254.
ختاماً، أتمنى التوفيق والنجاح لهذه المبادرة بغية وقف دوامة العنف وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح.