في الأيام القليلة الماضية كان هناك نشاطٌ مكثف لتسويق الأجندات التركية، إذ عُقد لقاءٌ مع (ناشطين كُـرد مقيمين في تركيا)، في20 تموز، من قبل الائتلاف السوري المعارض- بتنظيمٍ من المجلس الوطني الكردي في سوريا، لغايةٍ وحيدة، هي الإتيان بأكرادٍ يحاولون صرف الأنظار عن الانتهاكات الجسيمة التي تقع في عفرين المحتلة، والتحريض مجدداً ضد الإدارة الذاتية، لا الحكومة التركية والائتلاف عند تناول الأوضاع في عفرين؛ بل المطالبة بإسكات الأصوات الوطنية التي تتناول وضع عفرين المزري تحت الاحتلال، ووصفها بـ»التراشق الإعلامي، الشحن» و «خدمة الأجندات الخارجية» و « افتعال المشاكل مع تركيا»!
تلاه، اجتماعٌ آخر لقيادات الائتلاف- بتنظيمٍ من المجلس الكردي أيضاً، في 27 تموز، بـ (عددٍ من النشطاء والمحامين والمثقفين من أبناء منطقة «عفرين» المقيمين في تركيا)، تَرَكز الحديث فيه مجدداً على «حزب الاتحاد الديمقراطي PYD «، لا على ميليشيات إرهابية متطرفة تعيث في الأرض فساداً ولا على من يحتل عفرين منذ سنة ونصف واستباحها بالقوة والقتل وشرّد أهلها ونهب ممتلكاتهم، عمل ولا يزال يعمل على إحداث تغيير ديمغرافي ممنهج!
في اللقاءين تم التأكيد من قبل مسؤولي الائتلاف- موظفي الاستخبارات التركية- بضرورة التعاون والعمل مع (المؤسسات التابعة له في عفرين) ومع الحكومة التركية، معترفين ضمناً أن الائتلاف يتحمل المسؤولية عن الأوضاع الكارثية في منطقة عفرين، ودون أن ينتبهوا إلى الجانب القانوني والأخلاقي للمسؤولية، لأنهم مشغولين بأمرٍ واحدٍ فقط، كيفية التسويق للبروباغندا التركية والإخوانية بأقصى ما يمكن، وإثبات إخلاصهم لمشغّليهم!
بعد بضعة أيام، وعبر مؤتمرٍ صحفي، روَّج بعض الكُـرد الموظفين لدى تركيا والمشاركين تحت عباءتها في أستانا /13/، نفس مفردات وتعابير حكومة العدالة والتنمية (انتهاكات ميليشيا قسد من القتل والاغتصاب، قسد خلقت صراع عربي كردي، قسد محتلة لدير الزور والرقة وباقي المناطق، قسد تقوم بأعمال إرهابية، قسد تحاول زعزعة الاستقرار في عفرين، هناك إنجازات في عفرين بعد تحريرها من الميليشيات الانفصالية)! ليبرروا بوضوح احتلال تركي محتمل لمناطق شرق الفرات تحت مسمى (منطقة آمنة بعمق 30 كم) أو بطريقةٍ أخرى.
على أنغام تلك الأنشطة معزوفةٌ أخرى تُدندن، بعد أن شطبوا وصف «احتلال عفرين» من قاموسهم السياسي، ليُنَسِبوا الانتهاكات – دون وصفها بالجرائم المرتكبة في عفرين- إلى (بعض المجاميع العسكرية)، وليُعلنوا قبولهم الأمر الواقع من المحتل التركي ومرتزقته، في حين كانوا ولا يزالوا يُقاطعون إدارة بني جلدتهم وينعتونها باللاشرعية والإرهاب.
صحيحٌ أن الدولة التركية لا تلتفت لهؤلاء المروجين الصغار ولا تعنيها أمرهم بشيء ولا تُقيم لهم وزناً ولا احتراماً، لكن في لحظاتٍ حساسة تعمل على جلبهم إلى بعض المحافل والمنصات الإعلامية بعد تلقينهم ما ينبغي قوله وما لا ينبغي؛ ليكونوا شهوداً (وطنيين) ضد (الانفصاليين والإرهابيين) أو (أكرادً جيدين) ضد (الأكراد السيئين).
هذا النشاط المكثف يتزامن مع اشتداد الحرب الإعلامية والسياسية للحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية وتنظيمات الإخوان المسلمين، وإطلاق التهديدات باجتياح واحتلال مناطق «شرق الفرات»، وتكثيف التحشدات العسكرية على الحدود.
بات الأمرُ هزلياً جداً ومثيراً للضحك والقرف والاشمئزاز معاً، لكن الحق يُقال: يكفي اتهام مطبلي البروباغندا التركية بالتقصير والتقاعس، فهم يقومون بكامل الدور الموكل لهم من قبل مشغّليهم، بكل إخلاص وتفان!!!
ولكن الرياح لن تَهُب بما تشتهي سفن أردوغان والمصفقين له.