القسم العاممختارات

عام على العدوان والاحتلال… لماذا عفرين؟…

أفين حسين*

في العشرين من كانون الثاني 2018 هاجمت القوات التركية الغازية، وحليفاتها من المجموعات والفصائل المسلحة التابعة للائتلاف (الوطني لقوى الثورة والمعارضة)  تحت مسمى (الجيش الوطني) منطقة عفرين بأعتى صنوف الأسلحة فتكاً، دون وازع ديني أو أخلاقي، وبعد مقاومة بطولية من طرف القوات الكردية  الـ(YPG –YPJ) دامت قرابة 58 يوماً، سيطرت تركيا ومرتزقتها عل كافة جغرافية منطقة عفرين، ولم تميز في عدوانها البربري بين مدني وعسكري أو رجل وإمرأة أو طفل وكهل، يحدوها في ذلك حقدٌ وكرهٌ دفين تجاه شعب آمن، يعشق الحرية والعيش بسلام؛ إن اجتياح عفرين بالتاريخ المذكور آنفاً لم يكن وليد لحظة أو مجازفة عابرة، بل تم  التخطيط والتحضير له منذ أكثر من عام كامل، ففي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 حينما طالب الرئيس أردوغان بتطهير عفرين من الأكراد، وقال متذرعاً إنه «من الضروري جداً بالنسبة لنا تطهير منطقة عفرين من المنظمة الإرهابية حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه وحدات حماية الشعب الكردية»، كما أعلن أيضاً في التاسع من يناير/كانون الثاني 2018، أن جيش بلاده سيوسع عملية درع الفرات لتشمل منطقتي عفرين ومنبج (شمالي سوريا)، وقال لأعضاء حزبه «إن الوقت قد حان للقضاء نهائياً على مشروع إنشاء الممرّ الإرهابي الذي ينوي التنظيم الإرهابي تنفيذه في سوريا»، محاولاً إضفاء المبررات الشرعية على عدوانه، مدعياً كذباً بحماية حدود تركيا الجنوبية من الفصائل الإرهابية. والسؤال هنا لماذا عفرين …؟.

عفرين… الموقع الجيوسياسي :

عفرين مدينة كردية سورية بريف حلب الغربي، تقع على ضفتي نهر عفرين، في أقصى شمال غربي سوريا، وتبعد عن مركز مدينة حلب بنحو ستين كيلومتراً، في الجهة الشمالية الغربية، وهي إحدى المناطق الكردية  الحدودية المحاذية لمدينة اعزاز من جهة الشرق ولمدينتي نبل والزهراء من جهة الجنوب، وإلى الجنوب الغربي من البلدة تقع محافظة إدلب، وتحاذي الحدود التركية من جهة الغرب والشمال.

وعفرين منطقة جبلية تمتاز بتنوع تضاريسها بين الجبال والسهول، ويمرّ فيها نهر عفرين، الذي يعتبر من أهم المصادر التي تمد الأراضي الزراعية  بالماء، ويتراوح ارتفاع المنطقة بين 300 و 1296 متراً عن سطح البحر، ويعتبر الجبل الكبير أو ما يعرف بجبل ( كري مازن ) أعلى قممها، وتبلغ مساحتها 2% من مساحة سوريا..

عفرين… التاريخ والسكان:

تُشير  المصادر إلى أن الاسم القديم لمنطقة عفرين هو «جبل كورمينج»، وأطلق عليها اسم «كورداغ» خلال حكم الدولة العثمانية، ولكن بعد مجيء الانتداب الفرنسي إلى شرقي البحر الأبيض المتوسط وسوريا، قسمت منطقة «جبل كورمينج» إلى قسمين: الأول ظل تحت سلطة فرنسا في سوريا، في حين ألحق الثاني بتركيا.

وبعد استقلال سوريا عقب الجلاء الفرنسي عنها، أصبح اسم المنطقة «عفرين».

يبلغ عدد سكان منطقة عفرين 523,258 نسمة حسب احصائيات الحكومة السورية في عام 2012 غير أن المدينة اكتظت لاحقا بالسكان بعد توافد نحو 300 ألف نازح من المدن المجاورة هرباً من أتون الحرب الدائرة فيها حيث وصل عدد النازحين العرب المقيمين منهم أواخر عام 2017 إلى حوالي 30 ألف نسمة ، إذ وصل عدد سكان المنطقة إلى أكثر من 625 ألف في نهاية 2018 ، حيث هجر منه ما يقارب 50% خلال الأعوام السابقة لأسباب مختلفة، ليبقى في عفرين أكثر من 300 ألف نسمة ومع المقيمين يصبح العدد حوالي 330 ألف، هُجر منهم قسراً أكثر من النصف، بسبب الاحتلال التركي والانتهاكات المرتكبة من قبل جيشه والفصائل الموالية له بحق الأهالي.

وأقيم سد 17 نيسان على نهر عفرين منذ سنوات في منطقة ميدانكي وتشكلت بحيرة خلف السد مما جعل المنطقة المحيطة بالبحيرة مركز اصطياف.

كما تمتاز عفرين بوجود العديد من المواقع الأثرية مثل قلعة سمعان، وقلعة النبي هوري وتل عين داره، والجسور الرومانية على نهر عفرين وجسر هره دره الذي بنته ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى بالإضافة الى سكة حديد قادمة من تركيا  لتصل إلى مدينة حلب ومنها الى كافة المحافظات السورية  .

عفرين… الاقتصاد :

تعتبر منطقة عفرين مركزاً تجارياً وإدارياً، وذكر تقرير لمجموعة عمل اقتصاد سوريا في أغسطس/آب 2015 أن المنطقة تضم معامل ومنشآت صناعية كبيرة، خاصة تلك التي تعتمد على المنتجات الزراعية مثل معاصر الزيتون ومعامل البيرين والفحم، كما انتقل عدد من معامل الألبسة من مدينة حلب إلى عفرين، بسبب الوضع الأمني المتدهور في حلب التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا.

ويعتمد النشاط الزراعي بمنطقة عفرين أساساً على الزيتون، إذ تضم 15 مليون شجرة حسب تقديرات مديرية زراعة حلب، ونحو ثلاثين ألف شجرة رمان، إضافة إلى محاصيل أخرى مثل الحبوب العنب والكرز والبطيخ والخيار، وتؤمن محاصيل هذه الزراعات الاكتفاء الذاتي لعفرين وزيادة.

عفرين… المقاطعة الثالثة في الإدارة الذاتية الديمقراطية:

تفصل منقطة عفرين بين مناطق سيطرة فصائل «درع الفرات» التي تدعمها تركيا في جرابلس، الباب، واعزاز إلى الشرق من عفرين ومحافظة إدلب في الغرب وبالتالي فإن السيطرة التركية على عفرين تحقق تواصلاً جغرافياً على جميع المناطق الحدودية الواقعة بين مدينة جرابلس غربي الفرات والبحر المتوسط، و بالتالي يعني القضاء على أي امكانية لتحقيق التواصل الجغرافي بين المناطق الكردية ومنع الأكراد من وصل مناطقهم ببعضها.

بالنسبة للأكراد، عفرين هي إحدى المقاطعات الكردية الثلاث في سوريا، والمحافظة عليها والدفاع عنها تعتبر مسألة وجودية بالنسبة لهم.

يذكر أن عدداً كبيراً من قادة وحدات حماية الشعب هم من أبناء منطقة عفرين ويمثل أبناء المنطقة نحو ثلث القوات التي شاركت في تحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم «الدولة الاسلامية».

* جريدة الوحـدة – عدد خاص (عام من العدوان التركي على عفرين)- العدد 304 – كانون الثاني 2019 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى