القسم العاممختارات

عامٌ من الألم محكومٌ بالأمل

زاوية نقاط على حروف*

مع نهايات العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين وبداية سنةٍ جديدةٍ منه تمرّ ثلاثمئة وستة وسبعون يوماً على وعود حكومة العدالة والتنمية وسلطان الإخوان المسلمين بتحويل مدينة السلام والزيتون إلى جنةٍ خضراء، حيث النعيم والعدالة، وكأنّ أهل المدينة كانوا قد أُخرجوا منها، وكأنّ مدارسهم قد أغلقت أبوابها أو أنّ مشافيها قد خلت من أطبّائها أو ما من أحدٍ ينظّم سير سياراتها أو أنّ قمامتها قد تراكمت في الأزقة والشوارع؛ مدينة عفرين التي ما شهدت مثل هذا التطور قبل عقودٍ من الدهر, تركيا التي تعاني من الفوبيا الكردية قد حضّرت لاحتلال عفرين عبر مساوماتٍ ومقايضاتٍ رخيصةٍ خدمةً لأجنداتها التوسعية عبر ضغطها على ما كانت تسمى المعارضة السورية التي خارت قواها وسُلبت إرادتها، بعد أن باعت نفسها بثمنٍ بخس ٍ حتى باتت كمعجون للأطفال بيد تركيا,  وما هزّ لذاك الاحتلال جفنٌ للنظام وكأنّ عفرين تابعةٌ لدولةٍ جارة, وما مرّ يومٌ من تلك الأيام إلا وكان ثقيلاً مملاً تعباً شاقّاً على أبناء عفرين المهجّرين منها، وجلّهم ينشدون العودة إلى ملاعب الصبا, وأما مَنْ آثر الصمود على أرض الأجداد فقد ذاق جميع أنواع المرارة، فما باتت مدينتهم كما كانت، وكأنّها قد تغيّرت ملامحها من خلال عمليات التوطين والاستيلاء على منازل أهلها من قبل المستقدمين من شتى المحافظات السورية, ورفع الأعلام التركية وانتشار لغتها وإصدار بطاقات شخصية بلغتها، وما يمرّ يومٌ وإلا وتُقلع فيها شجرة أو يُسرق حجرٌ أو أثرٌ, أو يُساق أحد أبناء عفرين إلى السجن أو التعذيب بتهمٍ ملفقةٍ جاهزةٍ مسبقاً, أو قد يُسمع صوت انفجار هنا أو هناك، حيث يستشهد العشرات من شبّانها, وحتى نال السواد من بناتها، فلا يخرجن إلا وقد تخمّرنَ ولبسنَ ثياباً سوداء, حتى بات أبناؤها لا يبرحون منازلهم، إلا للضرورة القصوى أو لشراء حاجياتهم المعيشية, نعم لم تكن أجراس تركيا تسمعنا موسيقى جميلة، بل كانت تنذر بحربٍ ضروسٍ جشعة تنال الحجر والشجر والبشر, وما نثرت طائراتها الورود والرياحين، بل خلفت دخاناً أسوداً تقتل الرّضع قبل الشباب؛ لكن يبقى يحذونا الأمل نحن أبناء عفرين، نحن الذين قاومنا الاحتلال التركي بصدورٍ عاريةٍ ورفضنا الذهاب إلى المخيمات التي أعدّته لنا قبل حربها علينا بعدّة أشهر، فمن بقي منّا متمسكاً بثراه الطاهر سيقاوم حتى خروج هؤلاء الأغراب، ومن خرج منّا سيعمل دون مللٍ وكلل لفضح أعمال العصابات تلك ومن ورائها داعمتها تركيا لحين العودة, أجل لا شيء يلوح في الأفق سوى عفرين.

* جريدة الوحـدة – عدد خاص (عام من العدوان التركي على عفرين)- العدد 304 – كانون الثاني 2019 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى