تتصدر أوضاع محافظة إدلب عناوين كبريات وسائل الإعلام العالمي، من بينها وكالات أنباء وفضائيات أشهرها (الجزيرة) القطرية و(أناضول) التركية، وسط سباق ماراتوني لاجتماعات قمة وزيارات متعددة الجوانب والمستويات، تعقبها تصريحات شتى لرؤساء ووزراء دول ترى بأنها معنية بالملف السوري أكثر من غيرها ومن السوريين، يتخللها قلق وتباكي البعض على أحوال ومصير المدنيين في إدلب، دون الالتفات إلى جملة الجرائم والفظاعات المرتكبة يومياً على مدار الساعة بحق مدنيي منطقة عفرين في ظل استمرار الاحتلال التركي لها منذ شهر آذار المنصرم، وافتضاح تعمُّد البعض الآخر في التستر على حقيقة الأدوار التي تمارسها جماعات المعارضة المسلحة التكفيرية، ولهاثه وراء مساعي تسويغ سياسات تركيا الطامعة في الشمال السوري، حيث بات من المعروف لدى كل ذي بصيرة أن تركيا الجارة وعلى مدار ثماني سنوات من عمر الأزمة السورية لعبت ولاتزال لعبتها التخريبية والمريبة في الداخل السوري، وإعاقتها الفعلية لمساعي إيجاد مخرج سياسي سلمي للأزمة، وذلك بزعمها الحرص على حرية وكرامة السوريين، وعزفها الممجوج على الوتر الديني الطائفي الذي لطالما عرف به حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، والذي يجهد كثيراً لتأليب الرأي العام العربي والإسلامي ضد حضور الكُـرد التاريخي في الشمال السوري وأينما كان، ويسعى جاهداً لإطالة عمر احتلاله لأراضٍ سورية بغطاء من معارضة سورية ارتهنت لسياسات وأجندات حكومة انقرة منذ بدايات تفجر الأزمة السورية- آذار 2011، تجلَّى ذلك بوضوح فاقع عبر مبادرة مجلسها الإسلامي الأعلى في الآونة الأخيرة إلى إصدار فتاوى وتعاميم خطية دفاعاً عن الليرة التركية، بعد إقدامه منذ مدة على إلغاء تعامله بالعملة السورية، واستبدالها بالتركية في أسواق المداولات، مما أثار موجة سخط واستهجان لدى معظم السوريين حيال هكذا سلوكيات شائنة تنتهجها معارضة تزعم الحرص على قيم العدل وحياة المدنيين دون تمييز.
* جريدة الوحـدة – العددان/298-299/ – تموز، آب 2018 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)