تنفيذاً لبرنامج استباحة عفرين، بالاحتلال العسكري ومن خلال مجاميع الجهاديين والهمج… يتم نهبها وإيذائها بكل الأشكال، ومحاولة تجريدها من هويتها وطرد أهلها واضطهادهم بشتى السبل، مما يُشعرهم بالانكسار، في وقتٍ يتهم فيه كُـردٌ بعضهم بعضاً بالخيانة أو التسبب بمأساة عفرين، في حال شقاق مؤسف.
تنفيذاً للخطة – إذاً – يجتمع المسؤول التركي في غرفة عمليات الليل بقادة الفصائل، ويسلم كل واحد معلومات في غاية التفصيل، عن كل فرد، في كل حي أو قرية ضمن قطاع كل فصيل، (اسم الشخص، ماذا يملك، مَن مِن عائلته وأقربائه كانوا داعمين للإدارة، مَن مِن أبنائه وإخوته يعيشون في أوربا…)، البيوت الخالية، المنشآت الصناعية، الآليات، الممتلكات والمواسم المتوفرة… فيستلم كل قائد جدول مهمته (سعده)، ومع عودته إلى مقرّه، تبدأ المداهمات وتستعر حملة الاغتنام، حتى وإن كان في منتصف الليل أو الفجر، وأحياناً في وضح النهار… الكثير من الأهالي يدركون هذا، بل ويشاهدون كل شيءٍ بأم العين، لكنهم يكتمون الدموع والحرقة في القلوب، مقابل فقط أن يستمروا بالعيش في بيوتهم، البعض الطيب أو ربما الجسور يلجأ إلى هذا المسؤول التركي نفسه للشكوى على شناعة فعل المسلحين التابعين لتركيا، فيصرخ المسؤول متعاطفاً مع الحالة، بيزفانلار، ادبسيزلار، ويرسل جنوده خلف الجناة أو يسير هو نفسه إليهم، يستحضرهم في حضرة المجني عليه، ينهال عليهم بالمسبات، وربما يُعيد بعض المسروقات-على سبيل المثال – إلى المشتكي، يطلب له شاي وأحياناً وجبة شوربة، ثم يودعه بحرارة، ويَعده بإنزال أقسى عقوبة بالجناة، ثم يدخل فيكافئ الجاني ويطلق سراحه، تمام جانم… دوام…!!!
عندما تكثر الشكاوى على قائد فصيل –مثلاً-يتم نقل مجموعته بالكامل من موقعها وتُستبدل بمجموعة أخرى، لتبدأ موجة استدعاءات وتحقيقات واتهامات جديدة، وطبعاً حملة تشليح وتشبيح جديدة، واعتقالات جديدة، لطلب الفدية. يتم هذا بحجة أن المسؤول الجديد سيتعرف على الناس وكل شخصٍ ضمن قطاعه عن قرب، لضرورات أمنية – عسكرية!!!
في كل قرية أو حي، أصبح ثمة أبواق، وظيفتها الترويج لعدل المسؤول التركي وإنصافه، يُعدد هذا البوق محاسن التركي وشهامته ويسرد مبررات وجوده… ويدفع الناس للتمسك بعباءته وطلب حمايته، وبقائه في قريتهم أو حيهم، لأنه الوحيد القادر على لجم المسلحين وزوار الليل وبطشهم وبشاعتهم. ولكي يبقى المسؤول العادل قريباً، لا ضير أن يقيم هو وحراسه في بيوت إخوة أو جيران -حسب رأي البوق.
هذا البوق الصغير، لا يُسمع صداه سوى ضمن رقعة صغيرة، أما الأبواق الكبيرة، الخبيرة، المحترفة، التي صدعت رؤوس البسطاء لعقود بشعارات كبيرة ووعدتهم بـ (كردستان حرّة). فتروج -دون خجل -لعدل التركي المحتل وإنصافه، على شاشات الفضائيات وفي المحافل والمؤتمرات!!!
* جريدة الوحـدة – العدد ان/298-299/ – تموز، آب 2018 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)