بعد خمسين عامٍ من الاستبداد تَأَمَّل السوريون تغييراً ديمقراطياً في بلادهم! ولكن بعد 2011م، دخلوا في أزمةٍ مجتمعية وسياسية وأمنية معقدة، أسوأ من سابقاتها بكثير، فجلبت معها الكوارث، في ظل تفشي العنف والعنف المضاد؛ ليقعوا في استقطاب اجتماعي وسياسي متضاد بشكلٍ حاد، قائمٍ على الشك والريبة، بل على الحقد والكراهية أيضاً.
تقاتل السوريون أيضاً بالوكالة عن لاعبين خارجيين، الذين تندرج حقوق الإنسان ومصالح سوريا بجميع مكوناتها في آخر سلم اهتماماتهم؛ وابتلى بلدنا بتنظيماتٍ تكفيرية إرهابية بسطت نفوذها على مساحاتٍ شاسعة، والتي عززت صفوفها بجلب عشرات آلاف العناصر من الخارج عبر تركيا التي سهلت لهم الطريق، على مرأى ومسمع دول كثيرة التي يبدو أنها استحسنت التخلص من الإرهابيين في الطاحونة السورية، لتغدو سوريا مصرفاً للقاذورة الإرهابية، وإن كان على حساب دمارها ودماء أبنائها.
لنفتكر نحن السوريون ولو قليلاً! على مرّ ثماني سنوات ونصف، إذا كان النظام والمعارضة على طرفي نقيض غير مقتنعين بحلٍ سياسي توافقي ولا يعملان جدياً على إيجاده، فهل الدول المتصارعة على سوريا والداعمة للطرفين، ساعدتهما ودفعتهما إلى التقارب- وهي على مقدرة من ذلك، أم كانت تشدّ الحبال أكثر؟، بل وعرقلت جهود الأمم المتحدة في نجاح خطوةٍ ما؛ ها هي قصة اللجنة الدستورية تتمطمط، لخلافٍ على إدراج بعض الأسماء والضوابط، فكيف ستكون الحوارات، وإلى متى ستطول إن دخلت النقاشات إلى مضمون ومواد دستورٍ جديد؟
بعيداً عن أجواء المكاتب والفنادق والظهور على شاشات التلفزة وصفحات التواصل الاجتماعي، وتَرَف النقاش السياسي والفكري؛ أمرٌ مفروغ منه، أن المجتمع السوري عموماً مطالبٌ بنبذ التطرف والإرهاب، الحقد والكراهية، بكل الأشكال والتلاوين، ولكن من يريد وضع حدٍ لمعاناة أهالينا اليوم قبل الغد عليه بخطواتٍ عملية، وهي في متناول الأطراف السورية ولهم فيها الأولوية والمبادرة:
– فتح الطرقات وتشجيع التواصل بين مختلف المناطق، وفك الحصار عنها.
– عدم تعريض المدنيين للانتهاكات والجرائم، وحماية ممتلكاتهم والمرافق العامة.
– منح الثقة والأمان للمدنيين وإلغاء قوائم المطلوبين للاعتقال على أساس الشبهة والتشابه أو الهوية والرأي.
– السماح للمُهجَّرين والنازحين على العودة إلى ديارهم.
– إلغاء الرشاوى والأتاوى والفدى المالية على الطرقات والمعابر الداخلية.
– إطلاق سراح المخطوفين والمعتقلين على أساس الهوية والرأي.
– السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع محتاجيها.
بهكذا تَوَجه يمكننا السير نحو صنع السلام في ربوع بلادنا، ونجد حلاً سياسياً لأزمته، لنبدأ ببنائه من جديد وعلى أسسٍ جديدة.